الثلاثاء، ديسمبر 02، 2008

بيان تصحيح مسار الطائفة الشيعية انحراف هدفه خلف فتنة جديدة ما وراء البيان.. تجيير سلفي وشخصيات مريبة وفرقعات إعلامية ساذجة




شبكة النبأ:

************

يبدو ان اثارة الفتنة السنية الشيعية ليس مجرد صدفة، فبعد تصريحات القرضاوي التي اثارت جدلا واسعا، وازمة السيد محمد باقر الفالي في الكويت، بدأت ملامح ازمة جديدة تظهر في السعودية حيث اصدر بعض الاشخاص غير المعروفين على الساحة الشيعية بيانا دعوا فيه إلى تصحيح مسار الطائفة الشيعية في العالم العربي.

ويرى محللون ان هذا البيان قد بدفع من الحكومة السعودية التي تتحرك بشكل واسع في نطاق الدول العربية وخصوصا دول الخليج لضرب حصار على الشيعة وقمع حرياتهم خوفا من اختراق ايراني قد يؤدي الى التفاف الشيعة حول ايران في حال حدوث حرب امريكية ايرانية.

ويرى هؤلاء المحللون ان دفع الحكومة السعودية وبالضغط على الحكومات في دول الخليج لضرب حصار قوي على الشيعة لايخدم امن واستقرار دول المنطقة، بل سيزيد من التوترات والاضطرابات.

وفيما اعتبر البعض ان البيان هو محاولة لاستعارة أدوات سياسية وطائفية لصب الزيت على النار ومحاولة لدق الإسفين بين السنة والشيعة، انسحب بعض الموقعين على البيان حيث اعتبروا ان ما ورد فيه تقوم الجهات السلفية باستغلاله لضرب الشيعة وعقائدهم وبالتالي اثارة الفتنة.

ورفض رجال دين بارزين ما ورد في هذا البيان حيث انتقد السيد حسن النمر والشيخ محمد العمير ما وصفاه بالمنهج غير العلمي والاعتباطية التي ظهر بها بيان الكتاب الشيعة الذين دعوا الخميس إلى"تصحيح مسار الطائفة الشيعية في العالم العربي".

وقال السيد النمر في تصريحات لصحيفة الوطن السعودية أن البيان اتسم بالخلط والمنهج غير العلمي والانطلاق من مقدمات غير صحيحة وانطوائه على لغة متحاملة على مراجع الدين واستعارة أدوات سياسية وطائفية لصب الزيت على النار.

كما انتقد الشيخ محمد العمير ما وصفه بالاعتباطية والضوضاء الفكرية التي اتسمت بها انتقادات الموقعين ضد ولاية الفقيه ومسألة الخمس و"قذف" الصحابة ومشاركة رجال الدين في العمل السياسي.

ودعا العمير موقعي البيان إلى فتح حوار مع العلماء لوضع حد للخلافات والمساجلات على طاولة البحث العلمي "حتى لا تنشغل الساحة بضوضاء الأفكار بلا فائدة".

إلى ذلك برزت تصدعات جديدة وسط موقعي البيان مع تنصل كاتب وإعلان آخر عن مسئوليته عن مضمون البيان بحسب تصريحات أوردتها الصحيفة.

وفي حين أعلن الكاتب رائد قاسم مسؤوليته عن مضمون البيان الذي جاء في 18 بندا تناولت عددا من القضايا العقدية والفقهية وصف الكاتب جعفر البحراني البيان بالعمل المتعجل وغير المقبول.

وأعرب البحراني وهو أحد موقعي البيان المذكور عن أسفه إزاء الشكل النهائي الذي ظهر به البيان وانطوائه على ما وصفه بنقاط قشرية وغير موجودة في الواقع الشيعي والإسلامي بشكل عام مثل "الرق".

وحول استخدامه تعبير "قذف بعض الصحابة" ضمن الاتهامات التي وجهها للشيعة اعترف رائد قاسم بأنه تعبير "غير دقيق".

إلى ذلك جدّد الكاتب علي شعبان وهو من بين الموقعين قوله بأن الصيغة التي صدر بها البيان لا تمثّل رأيه وإنه سبق أن تحفّظ على بعض تعبيراتها.

مستغربا زجّ اسمه زجا في حين إنه لم يوقع ولم يوافق على الصيغة على حد قوله. وأكد رائد قاسم انسحاب الكاتب علي شعبان من التوقيع قبل بث البيان وأنه يتفهم تحفظاته ويحترمها.

وفي تطور لاحق نفى ناشط آخر من الذين وردت أسماؤهم في البيان توقيعه أو موافقته على مضمون البيان الذي وصفه بالمشبوه.

وفي رسالة الكترونية بعثها لشبكة راصد الاخبارية قال علي إبراهيم الرمضان "اطلعت على ما تناولته بعض الوسائل الإعلامية مؤخراً من بيان أمضته عدد (11) شخصية مريبة «..». وأدرج اسمي ضمن الأسماء الموقعة كذبا وزورا".

مضيفا القول "أنني مازلت ثابتا على المذهب الشيعي الإمامي الإثنا عشري، وأؤمن بالله رباً، وبمحمد صلى الله عليه وآله نبياً، وبالأئمة المعصومين الاثنا عشر سادة وقادة، كنت ومازلت أتولاهم، وسأموت على ولايتهم والبراءة من أعدائهم. كما وأنني ملتزم بالفقه الجعفري وفقاً لفتاوى مرجعي في التقليد".

وحول موقفه من البيان أوضح الرمضان "أنني ضد معالجة القضايا الحساسة بهكذا فرقعات إعلامية ساذجة الطرح والتناول. كما ان إقحام إسمي دون إذني وعلمي يفقد هذا البيان مصداقيته، والمشتكى لله ضد من أقحمني فيه".

هذا ولم تمضي ساعات على تنصل الرمضان من تأييد البيان حتى أعلن الكاتب نذير الماجد الموقف نفسه مبررا موقفه الجديد بأن البيان "بات عرضة لتأويلات ظلامية حاقدة" على حد وصفه.

وانتقد الماجد في مقالة نشرها عبر شبكة راصد الاخبارية ما وصفه بالتجيير السلفي "الواضح جدا" للبيان وهو ما جعل منه مجرد انتقال من أدلجة إلى أدلجة أخرى وهذا ما لم يكن في الحسبان على حد تعبيره.

ومع موقف الماجد أصبح أكثر من نصف الكتاب السعوديين السبعة الموقعين على البيان الذي انتشر على نطاق واسع قد أخلوا مسئوليتهم على نحو أو آخر عن مضمون الدعوة التي زعمت تصحيح مسار الطائفة الشيعية في العالم العربي.

هذا وكان أصدر كتاب أغلبهم سعوديون يوم الخميس بيانا دعوا فيه إلى "تصحيح مسار الطائفة الشيعية في الوطن العربي" ، البيان الذي وقع عليه 11 كاتبا بينهم سبعة سعوديون حمّل الطائفة الشيعية مسئولية ما وصفها بالصراعات المذهبية والمناوشات "التي لا تنقضي" مع الطائفة السنية.

وقال الموقعون أنهم توصلوا إلى قناعة "برفض الكثير من المعتقدات والأحكام الشرعية التي ننظر لها كعائق حقيقي أمام شيوع وتجسد قيم المحبة والتسامح مع إخوتنا من أبناء المذاهب الإسلامية والأديان الأخرى".

واشاروا إلى أن البيان "يصب في تحرير الإسلام الشيعي من الهيمنة والاستبداد والقضاء على كافة معوقات انسجام الشيعة مع أوطانهم وإخوتهم في الدين والوطن والأمة والإنسانية".

وتناول البيان 19 مادة تدعو لمراجعات فكرية وعقيدية وسياسية تتعلق بأركان أساسية في المذهب الشيعي.

ومن ذلك رفض القبول بمسألة عصمة الأئمة الإثني عشر، التقليد المرجعي، النيابة عن الإمام المعصوم، اعطاء الخمس لرجال الدين، التمييز بين السادة والعامة، قذف الخلفاء الثلاثة، ممارسة التطبير وضرب الصدور ضمن مراسم عاشوراء، رفض نظرية الولاية العامة للفقهاء وولاية الفقيه".

البيان يرفض تدخل رجال الدين في شئون الحياةوكان من أبرز الموقعين الذين وصفوا أنفسهم بـ "أبناء الشيعة من الجيل الجديد" الكاتب العراقي المثير للجدل أحمد الكاتب.

واعتبر الكاتب في تصريحات صحفية إن البيان يمثل الفكر السياسي الشيعي المعاصر الذي تتبناه شريحة كبيرة من المثقفين الشيعة في اتجاه الديمقراطية.

وبرز من بين الموقعين السعوديين عدد من الكتاب الجدد ومنهم رائد قاسم، علي جابر سلامة، نذير الماجد، جعفر البحراني، علي شعبان، بلال الحسن وعلي إبراهيم الرمضان.

وعلق مثقف شيعي بارز تحفظ عن ذكر اسمه بالقول أن ورود اسم أحمد الكاتب في البيان من شأنه تقويض أي امكانية تأثير للبيان كونه لم يأت بجديد يختلف عن أفكار الكاتب التي يروجها منذ سنوات.

وحول الموقعين الآخرين زعم هذا المثقف أن لديه معلومات تفيد أن هؤلاء هم أنفسهم الموقعون بأسماء وهمية على "بيان الخُمس" الذي صدر قبل أسابيع وذهب أدراج الرياح على حد وصفه.

موضحا بأن مجموعة الموقعين السعوديين "بعضهم من الشبان المندفعين حديثي الكتابة ولم يعرفوا بانتمائهم للوسط الفكري الرصين ولذلك ستقابل دعواتهم غالبا بآذان صماء في الأوساط الاجتماعية المحلية المحافظة".

ووصف رجل الدين الشيعي السعودي الشيخ عبد الله اليوسف في تصريح لشبكة "إسلام أون لاين.نت" البيان بأنه مجرد "فقاعة إعلامية، معتبراً أن "صيغة البيان تفتقد للمنهج العلمي الرصين".

وأضاف اليوسف "صيغة البيان لا تخدم الأهداف التي عنون بها، خصوصاً أن بعض المسائل فقهية تحتاج إلى تأصيل واستدلالات شرعية عميقة". وأشار إلى أن "مجموعة المراجعات ينبغي أن يقودها الفقهاء والعلماء لا المثقفون، فهم بعيدون تماماً عن تخصص الفقه".

وقال اليوسف: إن "البيان لم يلاق ترحيباً من أصحاب الشأن (المرجعيات الدينية والعلماء والمفكرين)، خاصة أنه يعالج مسائل مهمة في الفقه الشيعي، ومثل هذه الأمور تحتاج إلى مناقشات هادئة بعيدة عن صيغ البيانات أو وسائل الإعلام.

بدوره اعتبر رجل الدين الشيعي السيد حسن النمر أن البيان حمل "لغة التحامل على الفقهاء ومراجع الدين كما لو أنهم سبب كل تخلف في الطائفة".

واتهم الموقعين على البيان بـ"محاولة استعارة أدوات سياسية وطائفية لصب الزيت على النار، وذلك من خلال الإشارة إلى مسألة ولاية الفقيه، بكل ما علق بها من تشوهات".

وأضاف أن "جميع طوائف المسلمين تقول بولاية الفقيه الذي هو القاضي حينا، وهو المفتي حينا آخر، وليست ولاية الفقيه شيئا غير ذلك".

وأشار إلى أن "الشيعة لا يؤمنون بتطبيقها في كل مكان وزمان، فهاهم الأكثرية الشيعية في العراق، والطائفة النافذة في لبنان، لم تسع إلى تطبيقها".

كما اتهم البيان بمحاولة "دق الإسفين بين السنة والشيعة، أو تسويق البيان وحماية موقعيه من الأذى، بالإشارة إلى النيل من الصحابة بل قذفهم، في كذب واضح وجهل بأحكام الشريعة لا يخفى".

كذلك اعتبر الشيخ محمد عمير، المعروف بنشاطه الثقافي والاجتماعي في محافظة القطيف، أن البيان انتقد ولاية الفقيه "انتقادا اعتباطيا لم يأخذ في اعتباره اختلاف الفقهاء الشيعة فيها، شأنها شأن أية مسألة فقهية أخرى، تدخل في باب الاجتهاد العلمي".

وفيما يخص التقليد الفقهي استغرب الشيخ عمير "أن يتم تصوير الفقهاء وكأنهم ضد الإصلاح، وهناك فرق بين أن نرفض الممارسات الخاطئة وبين أن نرفض الفقهاء والمراجع، إذ لا يجوز لإنسان أن يتعبد إلا من خلال الاشتغال بالفقه أو الرجوع إلى فقيه جامع للشرائط.. وليس ذنب الفقهاء أن يُخطئ بعض المقلدين في بعض التطبيقات الفقهية".

وفيما يخص ما ذكره البيان حول "قذف" بعض الصحابة رفض الشيخ عمير تعبير "قذف"، معتبرا أنه "تعبير مشوه ويحمل دلالة غير واقعية في مسألة الخلاف الشيعي السني".

وأوضح أن "مشكلة سب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم محسومة من الناحية الفقهية، ففقهاء الشيعة المجتهدون يحرمون تحريما صريحا سب الناس العاديين؛ فكيف بسب الصحابة الذين رفعوا راية الإسلام".

وعن مشكلة الخمس التي أشار إليها البيان قال الشيخ عمير: إن "الخمس جزء من فروع الدين لدى فقهاء الشيعة، وإذا كان هناك بعض التطبيقات الخاطئة في استعماله فذلك لا يُفضي إلى الامتناع عن تسليمه للفقهاء العدول إبراء للذمة".

وقد زود السيد حسن النمر"الوطن" السعودية بما أسماه ملاحظات أولية على بيان المثقفين الشيعة.

وقال السيد النمر "هذه ملاحظات أولية على بيان من سموا أنفسهم بـ (المثقفين الشيعة) لتصحيح مسار الطائفة في الوطن العربي، مع أن بعض ملاحظاتهم ليست خاصة بالشيعة وإنما هي تنال التسنن كما التشيع، كما أن بعضها الآخر يستدعي تحليلاً واسعاً ودراسة مسهبةً لكشف وجوه الخلل في مقارباتهم، ولكن لا يسقط الميسور بالمعسور:

1 - أن المنهج الذي اعتمدوه في تسجيل ملاحظاتهم ليس علمياًّ، لأن فيه خلطاً واضحاً بين المسائل، فالمعارف العقدية تعالج بطريقة تختلف عن المسائل الفقهية. كما هو معلوم عند أهل الاختصاص، وذلك ناشئ من أن موقعي البيان ليسوا ذوي معرفة عميقة بالمعارف الدينية، كما يتجلى ذلك في بعض ما أوردوه من شواهد، من قبيل:

أ - اعتراضهم على إعفاء السادة (بني هاشم) من دفع الزكوات والصدقات. وهذا ما لم يقله فقيه من الشيعة أو السنة. فالأغنياء منهم حالهم في وجوب الزكاة حال غيرهم.

ب - تأكيدهم على إعلان رفضهم لبعض المعتقدات والأحكام الشرعية. وهذا أيضاً لا يتفوه به من له أدنى معرفة بالإسلام، لأن معارف الدين لا تدخل ضمن دائرة (ما نقبل وما لا نقبل)، فـ{من لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون... الظالمون... الفاسقون}.

2 - الخلط الواضح بين الدواعي الفكرية في الرفض والدواعي الاجتماعية، وهذا التأرجح في ملاكات القبول والرفض يدل على أنهم يقفون على أرضية مهتزة. {والحق أحق أن يتبع}. وقد أشاروا إلى بعض الأحكام الشرعية على أساس أنها على خلاف الكرامة الإنسانية ومثلوا لذلك بأحكام الرق والجهاد الابتدائي.

3 - انطلاقهم من مقدمات غير صحيحة كالحكم على نشاطات الطائفة في منطقة الخليج تحديداً بالقضايا الطائفية والصراعات المذهبية، كما لو أنهم من ابتدأ ذلك، دون الإشارة إلى أن بعضهم لو اشتغل به فهو من ردود الأفعال إثر التكفير والتفسيق.

وكذلك الإشارة إلى أن العلوم الدينية غير مقدسة وأنها في معرض الخطأ والصواب، وكأن الشيعة لا يقولون بذلك مع أنهم أصحاب الاجتهاد والتجدد.

4 - لغة التحامل على الفقهاء ومراجع الدين كما لو أنهم سبب كل تخلف في الطائفة، مع أن الجميع يعلم بأن الشيعة أقلية أولاً ومحكومة ثانياً، فكيف تكون عاملاً من عوامل التخلف العربي فضلاً عن أن تكون سببا له.

5 - محاولة استعارة أدوات سياسية وطائفية لصب الزيت على النار وذلك من خلال الإشارة إلى:

أ - مسألة ولاية الفقيه، بكل ما علق بها من تشوهات، وبعد أن عمل الإعلام غير المسؤول على جعلها مادة للتعيير، مع أن جميع طوائف المسلمين تقول بولاية الفقيه الذي هو القاضي حيناً، وهو المفتي حيناً آخر. وليست ولاية الفقيه شيئاً غير ذلك. مع أن الشيعة لا يؤمنون بتطبيقها في كل مكان وزمان، فهاهم الأكثرية الشيعية في العراق، والطائفة النافذة في لبنان لم تسع إلى تطبيقها على أرض الواقع.

ب - مسألة الأخماس، وتصويرها بمثابة أموال قارون بين يدي المراجع يصرفونها دون إحساس بالمسؤولية، مع أن الجميع يعلم أن الحقوق الشرعية لا تصرف إلا على سبل الخير وفي مقدمتها الفقراء وذوو العوز.

أما حكاية تشكيل اللجان فهي أقرب إلى النكتة منها إلى الاقتراح الجدي، لأن عالمنا العربي لا يسمح لغير الأطر الرسمية بالعمل.

جـ - محاولة دق الإسفين بين السنة والشيعة، أو تسويق البيان وحماية موقعيه من الأذى، بالإشارة إلى النيل من الصحابة بل قذفهم، في كذب واضح وجهل بأحكام الشريعة لا يخفى.

6 - التنكر لما يعد ضرورة مذهبية شيعية، أعني إمامة أهل البيت وتقدمهم على من عداهم، عبر إنكار حجية أقوالهم. وهذا أيضاً ينم عن جهلهم بأصول التشيع. مع السعي إلى الوقيعة بين أتباع المذاهب بالإلماح إلى أن الشيعة يقولون بصواب آرائهم دون آراء الآخرين. ولا أدري هل يقول غير الشيعة بمثل ذلك أو بخلافه؟!

7 - من المضحك المبكي قولهم إن الإسلام دين يفهمه الجميع في إشارة إلى إمكانية الاستغناء عن علماء الدين. وهي دعوة ساذجة لا يقبلها أصحاب الحرف التخصصية المتواضعة فكيف بدين هو خاتم الديانات ومعارفه أسمى المعارف، أم إن ذلك مقدمة لتمييع أحكام الشريعة كما يشير إليه قولهم "نعتقد بأن الإسلام دين يفهمه كل الناس حسب سعتهم، وأن ما يدعو إليه الإسلام كدين هو ما تدعو إليه كافة النظم والقوانين والتشريعات الإنسانية".

ليقولوا بعد ذلك "ندعو أبناء الشيعة إلى مراجعة ممارستهم لبعض الشعائر الدينية التي يمارسونها كل [بذريعة أنها] لا تجلب سوى تنفير المسلمين وغير المسلمين من الإسلام والتشيع، وإنها ممارسات لم يكتبها الله علينا ولم ترد في كتاب ولا سنة". بعد أن جعلوا الحكم في قبول ما جاء في الكتاب والسنة هو فهم جميع الناس وما يقبلونه. فهل نتخلى عن رمي الجمار لأن الناس يستهجنونه؟!

على صعيد آخر تحفظ الشيخ محمد عمير المعروف بنشاطه الثقافي والاجتماعي في محافظة القطيف على كثير من تعبيرات ومداليل البيان، وقال لـ "الوطن" إن البيان انتقد ولاية الفقيه انتقاداً اعتباطياً لم يأخذ في اعتباره اختلاف الفقهاء الشيعة فيها، شأنها شأن أية مسألة فقهية أخرى، تدخل في باب الاجتهاد العلمي.

وفيما يخصّ التقليد الفقهي استغرب الشيخ عمير من أن يُصور الفقهاء وكأنهم ضدّ الإصلاح، مشيراً إلى أن هناك فرقاً بين أن نرفض الممارسات الخاطئة وبين أن نرفض الفقهاء والمراجع، إذ لا يجوز لإنسان أن يتعبّد إلا من خلال الاشتغال بالفقه أو الرجوع إلى فقيه جامع للشرائط.

وأضاف ليس ذنب الفقهاء أن يُخطئ بعض المقلدين، في بعض التطبيقات الفقهية. وفيما يخصّ ما ذكره البيان حول "قذف" بعض الصحابة؛ رفض الشيخ عمير تعبير "قذف"، موضحاً أنه تعبير مشوّه ويحمل دلالة غير واقعية في مسألة الخلاف الشيعي السني، وأوضح أن مشكلة سب صحابة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم محسومة من الناحية الفقهية؛ وقال إن فقهاء الشيعة المجتهدين يحرّمون تحريماً صريحاً سب الناس العاديين؛ فكيف بسب الصحابة الذين رفعوا راية الإسلام.

وعن مشكلة الخمس التي أشار إليها البيان قال الشيخ محمد عمير: إن الخمس جزء من فروع الدين لدى فقهاء الشيعة، وإذا كان هناك بعض التطبيقات الخاطئة في استعمال الخمس؛ فإن ذلك لا يُفضي إلى الامتناع عن تسليمه للفقهاء العدول إبراءً للذمة.

وقال الشيخ عمير إنه اشتمل على عدة أفكار من حقول علمية شتى، لسنا بصدد مناقشتها في بيان مشابه، إذ الدعوى لا تُنقض بمثلها بل بفتح طاولة حوار بين المتخصصين، فإذا كانوا يستنكرون دخول الفقهاء في المجال السياسي بعلة أنه ليس تخصصاً لهم؛ فكيف وصلوا إلى هذه النتائج بالرغم من أنه لم يُعرف نفسه بالفقيه. لذا فإني أدعوهم إلى فتح الحوار مع جملة من العلماء حتى تنتهي الخلافات العلمية على طاول البحث العلمي للمساجلات، حتى لا تنشغل الساحة بضوضاء الأفكار بلا فائدة.

ليست هناك تعليقات: