الخميس، أكتوبر 14، 2010

تقرير كلمة سماحة الشيخ في الاحتفال بهلاك عائشة 17 شهر رمضان 1431



بدأ فضيلة الشيخ ياسر الحبيب حفظه الله كلمته التي ألقاها في يوم الاحتفال بذكرى هلاك “حميراء الساقين” بطرح تساؤلات متعددة، مبيّنـًا حيرته فيما يذكر من جرائم هذه المرأة التي يصعب تعدادها على أي شخص، متسائلا في نقاط سريعة:
• أأذكر سمّها لرسول الله «صلى الله عليه وآله» وقتلها إيّاه؟
• أأذكر إيذائها لسيدة نساء العالمين «صلوات الله عليها» حتى أبكتها؟
• أأذكر خروجها على أمير المؤمنين «صلوات الله عليه» وتسببها بمقتل 30,000 نفسٍ من المسلمين؟
• أأذكر فرحها وسرورها حين علِمت باستشهاد الزهراء «صلوات الله عليها» ؟
• أأذكر سجدة الشكر التي سجدتها يوم بلغها أن عليًا قـُتِل في محرابه ؟
• أأذكر رميها بنفسها أوّل سهمٍ على جنازة الإمام الحسن «صلوات الله عليه»؟
• أأذكر مجونها وفسقها الذي سوّدت به التاريخ ؟
• أأذكر كيف كانت تتسكع في الطرقات ؟
• أأذكر قضايا رضاع الكبير ؟
• أأذكر كذبها على رسول الله بآلاف الأحاديث «التي شوّهت سمعة رسول الله، وفتحت باب المطاعن على شخصية النبي الأقدس صلى الله عليه وآله» ؟
ثم أضاف فضيلة الشيخ أن ما أخفاه التاريخ من جرائمها أكثر وأكثر، ولكن ما يهمنا الآن هو أن نثبت أن "عائشة بنت أبي بكر" اليوم في النار، بل هي في قعر جهنم، فهذا الشعار الذي ترونه (عائشة في النار) لم يأت من فراغ بل هو شعار مبني على أدلة من القرآن والسنة اخترنا لكم منها ثلاثة أدلة وبراهين تثبت بما لا يترك مجالاً للشك عند كل منصف، وعند كل مسلم يعتقد بكتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه وآله، أن عائشة اليوم في هذه الساعة في جهنم . وهذه البراهين أثنان منها انتقيتها من مصادر أهل الخلاف وعلى مبانيهم، حتى لا يتنطعن أحدٌ منهم بالقول: إنما تثبتون أن اليوم عائشة في النار بناءً على ما تروونه أنتم!، أمّا البرهان الثالث فهو من كتبنا. ولهذا فنحن نفرح اليوم وندخل بهذا الفرح والسرور على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وقلوب عترته الطاهرين صلوات الله عليهم، فيحق لنا أن نفرح في هذا اليوم الذي انتقلت فيه عائشة إلى العذاب والجحيم الأبدي، وإليك البراهين الثلاثة:
1- البرهان الأول: زعمت عائشة من جملة ما كذبت بهِ على رسول الله صلى الله عليه وآله، بأن رسول الله قد سُحِر، وقد سحره اليهود، ودامت مدة سحره 6 أشهر، وكان يخيّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعلهُ، وكان يخيّل إليه أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن، أي أنه خولط في عقله.
وهذا الأمر الذي زعمته عائشة واتهمت به رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يسع أحد من المخالفين أن ينكره لأنه وارد في أصح كتبهم ومصادرهم على الإطلاق، وهو الكتاب المعروف بــ ”صحيح البخاري“، افتحوا هذا الكتاب في المجلد 4 والصفحة 91 في باب “صفة إبليس وجنوده”، وقد أدرج البخاري هذه الرواية في هذا الباب لأن السحر من الشيطان والساحر إنما هو مستعين بقدرات الشيطان حتى يصيب المسحور بسحره، فإذن الشيطان وجنوده استطاعوا أن يسيطروا على رسول الله ويسحرونه !
تقول عائشة : سُحر النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم حتى كان يخيّل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله.
وأيضا في «صحيح البخاري/ج7/ص29» :
تقول عائشة: سُحر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن!
وأدرج البخاري لهذا الحديث تعليقا لسفيان ابن عيينة (راوي الحديث) يقول فيه: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا.
يعني أن النبي «صلى الله عليه وآله» على حد زعم عائشة، سُحِر بأشد ما يكون من السحر !
أيها الأخوة أننا ننادي هنا المسلمين كيف تصدّقون عائشة في زعمها هذا؟
عائشة حينما تدّعي أن رسول الله قد سُحِر، هي بذلك تناقض القرآن، وتضاهي قول الكفرة المشركين وتثبت أن للشيطان سُلطةً على رسول الله لأنه سحَرَهُ.
هل هذا يُقبل؟
القرآن الحكيم نفى واستحال أن يتسلط الشيطان على المؤمن الذي اخلص إيمانه، فكيف برسول الله صلى الله عليه وآله سيّد المؤمنين؟ هذا أمرٌ صعب القبول.
ولذلك نجد أن بعضًا من علماء المخالفين رفض هذه الروايات من عائشة التي لديها روايات كثيرة في إثبات أن رسول الله سُحِر والعياذ بالله، ورفض بعض علمائهم ذلك لأننا إذا سلّمنا بهذه الروايات فهذا فيه إبطالٌ للنبوة، فليس نبيًا ذلك الذي تسيطر عليه الشياطين، وليس نبيًا ذلك الذي يتمكن اليهود أو أعداءه من سحرِهِ، فالله تبارك وتعالى يقول نسبةً إلى الشيطان: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} (سورة النحل/آية 99-100).
إذن الشيطان لا يمكن أن تكون له قدرةٌ على المؤمن الذي يتولى الله، وإنما قدرته على ذلك الذي يتولاه، ذلك العاصي، ذلك المذنب، ذلك الكافر، ذلك المنافق، ذلك الجاحد، وإذا أثبتنا أن رسول الله سُحِر فمعنى ذلك أن الشيطان كان له سلطانٌ عليه فيبطل كونهُ مؤمنـًا بنص القرآن الكريم.
أرادت عائشة بهذا أن تبطل نبوة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله، فهل هذا الأمر هيّن؟
الله في قرآنه وعد نبيّه فقال: { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (سورة البقرة/آية 137) أي سنكفيك شر الشياطين والسحرة والكافرين والمنافقين، أمّا عائشة فتريد أن تقول أن الله لم يكفي نبيّه، تكذيبًا بالقرآن، وضاهت بذلك قول المشركين الظالمين الذين اتهموا الرسول بأنه ساحرٌ مجنون واصطفت معهم، فهي بهذا تكون ظالمةً كافرةً وهذا أمرٌ مرعب فهذا يثبت أن عائشة لم تكن تعتقد أصلاً بنبوة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله، فالمسلم لا يعتقد بأن نبيّه سُحِر، وأعطت عائشة بهذه الأكاذيب الفرصة للنصارى واليهود والملحدين وأعداء الدين الإسلامي للطعن في خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله فتراهم يقولون : أن هذا الذي أوحى إلى نبيّكم لم يكن الله بل شيطانٌ من الشياطين أوحى إليه، وجاء بهذا الدين الجديد فهذا ليس نبيًا صادقـًا!
ثم يقولون: انظروا زوجته تقر عليه بأنه سُحِر، وأن الشيطان كان له سيطرة عليه.
ففتحت عائشة بهذا باب الشك في نبوة خاتم الأنبياء، وفتحت بهذا باب الطعن في نبوة خاتم الأنبياء، فصارت بهذا ظالمةً بل ملحدةً بناءً على مقاييس أهل الخلاف.
فلننظر ماذا يقول أبو بكرٍ الجصاص (أحد علماء المخالفين) في كتابه المعروف «أحكام القرآن/ج1/ص60» حيث يُشكل على هؤلاء الذين قبلوا روايات عائشة في سحر النبي، و يقول: وقد أجازوا من فعل الساحر ما هو أطم من هذا وأفظع، وذلك أنهم زعموا أن النبي عليه السلام سُحِر وأن السحر عمل فيه حتى قال فيه أنه يتخيّل لي أني أقول الشيء وأفعلهُ ولم أقلهُ ولم أفعلهُ (.........) ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تلعّبًا بالحشو الطغام واستجرارًا لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام والقدح فيها.
إذن بتطبيق مبنى أبي بكرٍ الجصاص، على عائشة التي قد وضعت هذه الأحاديث المنسوبة إليها، نعرف أن عائشة ملحدة، والملحد في النار.
وأيضا يقول أبو بكر الأصم (عالم من علمائهم) في كتاب المجموع للنووي/ج19/ص243:
أن حديث سحرهِ صلى الله عليه [وآله] وسلم المروي هنا، متروكٌ لما يلزمه من صدق قول الكفرة أنه مسحورٌ وهو مخالفٌ لنص القرآن حيث أكذبهم الله فيه.
إذن بتطبيق مبنى أبي بكرٍ الأصم في هذه الأحاديث التي لا تجتمع مع القرآن بل تناقض القرآن، ومع عدم وجود احتمال أن أحدًا قد وضعها على لسان عائشة نعرف بأن عائشة ملحدة ظالمة كافرة لأنها بهتت رسول الله واتهمته بأنه قد سُحِر وضاهت بهذا قول الكفرة المشركين، فهي في النار.
2- البرهان الثاني: كان رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا ما يحذر عائشة من سلاطة لسانها، علمًا أن عائشة كان لسانها قذرًا فحّاشًا سبّابًا إلى أقصى درجة، كانت إمرأة قليلة أدب تسب على المليان، انظروا في «صحيح مسلم/ج7/ص5» حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله ينصح ويحذر عائشة فقال لها: يا عائشة لا تكوني فاحشة، فأن الله لا يحب الفحش والتفحش.
ومع ذلك، مع كل هذه التوصيات النبوية ومحاولاته صلى الله عليه وآله لاستصلاحها، فذيل الكلب لا يعتدل، مهما حاول رسول الله معها فلا جدوى، عادت حليمة لعادتها القديمة، فكانت عائشة تسب حتى أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلى هذا ترى التهويل ضدنا بأن هؤلاء يسبون أمهات المؤمنين، ليلاً ونهارًا، تراهم يقولون هذا الكلام عنـّا رغم أننا لم نسب إلا عائشة وحفصة.
فلماذا تحاسبوننا على أننا – جدلاً– سببنا عائشة وحفصة الخائنتين اللتين ذمهما الله تبارك وتعالى في كتابه، ولا تحاسبون عائشة نفسها التي كانت تسب أمهات المؤمنين؟
انظروا إلى سباب عائشة إلى أم سلمة «رضوان الله تعالى عليها» التي هي أم المؤمنين، فلماذا تأخذكم الغيرة على عائشة ولا تأخذكم الغيرة على أم سلمة مثلاً؟
كانت عائشة تسب أم سلمة، وكانت تسب صفية، وكانت تسب زينب بنت جحش، وكانت تسب خديجة الكبرى «صلوات الله عليها»، واتهمت ماريا القبطية «سلام الله عليها» بالفاحشة والزنا.
لماذا لا تأخذكم الغيرة على هذا؟
فلم تقولوا :
• عائشة كافرة بسبّها الصحابة حيث سبّت عثمان حين قالت اقتلوا نعثلا فقد كفر فشبّهته هنا بالشيخ الأحمق.
• عائشة سبّت محمد ابن أبي بكر الذي هو أخوها.
• عائشة سبّت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «صلوات الله عليه».
كل هذا يمررونه وإذا خرج واحد الآن يسب أو ينتقد أو يجرح عائشة بما فيها تقوم عليه دنياهم، فلِم هذه الإزدواجية في المعايير؟
عائشة سبّت أم سلمة «رضوان الله تعالى عليها» ونزل في ذلك قرآنٌ، قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساءٌ من نساء عسى أن يكن خيرًا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} (سورة الحجرات/آية 11) ؛ هذه الآية ابحثوا عن تفسيرها في تفاسير أهل الخلاف وانظروا ماذا يقولون؟
نجد في تفسير الواحدي، وتفسير النيسابوري، وتفسير القرطبي، وهذا اللفظ من تفسير القرطبي : قال المفسرون في تفسير هذه الآية وبيان سبب نزولها، نزلت في إمرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم سخرتا من أم سلمة وذلك أنها ربطت خصريها بسبيبة وهو ثوبٌ أبيض وسدلت طرفيها خلفها فكانت تجرها، فقالت عائشة لحفصة : انظري ما تجر خلفها كأنه لسان كلب ! فهذه كانت سخريتهما. إنتهى.
من هنا يتبيّن أن عائشة كانت تشبّه السيدة الجليلة الطاهرة أم سلمة «رضوان الله عليها» بأنها كالكلب في مشيتها والعياذ بالله.
كما نجد في «سنن أبي داوود/ج2/ص450» اعتراف عائشة بسب صفية بكلمةٍ لم يتحملها الراوي عن عائشة فحذف الكلمة ووضع محلها "كذا وكذا"، وذلك من بشاعة الكلمة والمسبة، وهذه الكلمة سمعها رسول الله فقال "ما مفاده": أن هذه الكلمة منكِ من شدة وساختها وقذارتها لو مزجت بماء البحر لمزجتهُ، أي أن ماء البحر لا يكفي لتطهير هذه الكلمة فهذه الكلمة تسبب تلوّث وتنجس ماء البحر!. فلنتخيّل إذن ما هذه الكلمة التي قالتها عائشة لصفية؟
الرواية:
عن عائشة قالت: قلت للنبي صلى الله عليه [وآله] وسلم: حسبك من صفية "كذا وكذا".
فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: لقد قلتِ كلمةً لو مزجت بماء البحر لمزجته.
(سنن أبي داوود/ج2/ص450)
إذن عائشة كانت سبّابة، ذات لسان قذر، كانت تقوم بالغيبة بتشبيهها أم سلمة بأنها تجر لسان كلب والعياذ بالله، وبطعنها في صفية بتلك الكلمة، وذلك في غياب هاتين المرأتين، وهذا بحسب الشرع الإسلامي "غيبة"، فمعنى هذا أن عائشة كانت تأكل لحوم غيرها خلافـًا لقول الله تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}.
يروي أحمد بن حمبل في «مسند أحمد/ج1/257» أن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنه نظر في النار فإذا قومٌ يأكلون الجيف فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال جبريل: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس بالغيبة. إنتهى.
هذه الرواية تفيد أن عائشة بناءً على كونها كانت تستغيب الناس وتطعن فيهم بسوء الألفاظ وأقبحها، تكون عائشة الآن قسَمًا بالله في النار وتأكل الجيف والله يحاسبنا على هذا القسَم وإلا فعلى المخالفون أن يكذبوا ما في صحاحهم، فقد أثبتوا أن عائشة كانت تغتاب، والمغتاب آكلٌ للحم أخيه، والآكل للحم أخيه يلقيه الله عز وجل في النار بناءً على رواياتهم وأحاديثهم ليأكل الجيف، إذن ثبت أن عائشة اليوم في النار وتأكل الجيف.
3- البرهان الثالث: قال الله تعالى في أمرٍ من السماء: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} آمرًا زوجات رسول الله أن يقررن في بيوتهن ولا يخرجن إلا للضرورات كالإشراف على الهلاك وما أشبه، ولكن عائشة خرجت من بيتها تحرّض على إمام زمانها حجة الله على خلقه، ودعت إلى أن يقتل ووضعت جوائز على ذلك، وتسببت في سفك الدماء وقد خرجت متبرّجةً رغم تحذير رسول الله صلى الله عليه وآله كما ورد في «إرشاد القلوب» للديلمي و«كشف اليقين» للعلامة الحلي عن حجة التفضيل لابن الأثير في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله جلس مع أزواجه وحذرهن أنه من بعدي عليكن أن تلزمن ظهر الحصير لأن الله أمركن بذلك وإيذكن أن تخرجن على وصيّ علي بن أبي طالب وقد تكلمت عائشة – كما تقول الرواية – فقالت: يا رسول الله ما كنـّا لتأمرنا بشيءٍ فنخالفه إلى ما سواه، فقال لها: بلى يا حميراء قد خالفتِ أمري أشد الخلاف وأيم الله لتخالفين قولي هذا ولتعصينه بعدي ولتخرجين من البيت الذي أخلّفكِ فيه متبرّجةً قد حف بكِ لفيفة من سفهاء الناس.
إذن وبما أن عائشة خالفت أمر رسول الله فلنرجع للحديث الذي رواه الشيخ الصدوق في «عيون أخبار الرضا» عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله الذي تحدّث عمّا رآه حينما عُرِج به إلى السماوات ومر على النار ورأى من يعذب فيها حيث قال: ورأيت إمرأةً معلّقةً برجليها في تنورٍ من نار، ثم يقول صلى الله عليه وآله : أمّا المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها.
وقد ثبت عندنا أن عائشة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها، فهي اليوم معلّقة من رجليها في النار.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ورأيت إمرأةً تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها، ثم قال: فأمّا التي تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزيّن بدنها للناس.
وقد ثبت لدينا أن عائشة خرجت متبرجةً لذا طبقوا هذا الحديث على فعل عائشة لتعرفون أن عائشة اليوم في النار وتأكل لحم جسدها، وهي سيدة نساء أهل النار.

الجمعة، سبتمبر 17، 2010

سماحة آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي يدعو الى نصرة القران الكريم والتصدي لمن يحاولون المساس بقدسيته



أقام مكتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في دمشق صلاة عيد الفطر المبارك في بإمامة سماحة آية الله السيد مرتضى الحسيني الشيرازي، ومن ثم ألقى سماحته خطبتي الصلاة مستهلاً الخطبة الأولى بقوله تعالى: (اللّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونَ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) المائدة:114.
وعقّب سماحته قائلاً: العيد اولاً: هو ذلك اليوم الذي تحب الخير فيه لغيرك كما تحب الخير فيه لنفسك وتطلب الخير للآخرين كما تطلبه  لنفسك.
 العيد هو ذلك اليوم الذي نسعى فيه جميعاً للمصلحة العامة كما نسعى فيه للمصلحة الخاصة أيضاً، إن الله تعالى على لسان نبيه المسيح عليه السلام يعلِّمنا كيف نطلب في العيد وما الذي علينا أن نطلبه، وهو بأن تطلب الخير لنفسك وأهلك وذوي قرابتك وأهل العالم بأكمله.
 ثانياً: العيد هو اليوم الذي تطلب فيه الخير لنفسك ولغيرك في حاضرك ومستقبلك.
وعقب سماحته: فهو ذلك اليوم الذي تنجلي فيه الغموم والهموم وتنقشع تلك السحب السوداء المظلمة الذي أظلت البشرية عبر ظلامات محمد وأهل بيته عليهم صلوات الله.
ثم أضاف: يقول الإمام الصادق عليه سلام الله: «يا عبد الله ما من عيد للمسلمين، أضحى ولا فطر، إلا وهو يجدد فيه حزناً لآل محمد، قلت: ولم ذلك؟ قال: لأنهم يَرون حقهم في يد غيرهم» الكافي: 4/164، ولكن أين نحن من حقوق أهل البيت عليهم سلام الله؟! هل هذا عيد؟! ذلك العيد الذي تغتصب فيه حقوق أهل البيت عليهم السلام، الذي تنتهك فيه  الحرمات، سامراء، والبقيع، وسائر حقوقهم وحقوق أتباعهم.
إذاً العيد هو ذلك اليوم الذي نطلب فيه الخير للآخرين بأن نعلِّمهم تعاليم أهل البيت عليهم السلام.
وأضاف كذلك: عندما القرآن الكريم هذا الكتاب المقدس المنزَل من لدن رب الأرباب، وإله الكائنات، تنتهك حرماته وشخص بعيد عن الصواب، يدعو بعض الجهلة من أمثاله ـ والعياذ بالله ـ إلى حرق القرآن الكريم، يكشف أنني وملايين من المسلمين لم نتصد جيداً للدفاع عن حرمات الدين.
 وفي الخطبة الثانية استهلها بالقول: «ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف الوعيد».
وعقب قائلاً: العيد هو ذلك اليوم الذي لا يُعصى الله فيه، علينا في مثل هذا اليوم أن نتوقف قليلاً وأن نراقب جوارحنا وجوانحنا أيضاً، وعلينا أن نتّخذ مثل هذا اليوم عيداً، نعود فيه إلى ربنا سبحانه وتعالى.

الأحد، سبتمبر 12، 2010

مشكلة الاختلاف في التشهد الأخير في الصلاة عند المذاهب السنية!!! ... للأخ الفاضل قاسم حفظه الله

لنقرأ ما قاله عبد الرحمن الجزيري في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة عن التشهد بتلخيص يسير قال:

التشهد الأخير فرض عند الشافعية....

الحنفية قالوا: التشهد الأخير واجب لا فرض، وقالوا: إنه إذا ترك التشهد تكون صلاته صحيحة مع كراهة التحريم.

المالكية قالوا: إنه سنة...

أما صفة التشهد فقد اختلفت فيها المذاهب:
الحنفية قالوا: إن ألفاظ التشهد هي: "التحيات للّه، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله الا اللّه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".
وهذا هو التشهد الذي رواه عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، والأخذ به أولى من الأخذ بالمروي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.

المالكية قالوا: إن ألفاظ التشهد هي: "التحيات للّه، الزاكيات للّه، الطيبات الصلوات للّه، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".
والأخذ بهذا التشهد مندوب، فلو أخذ بغيره من الوارد فقد أتى بالسنة وخالف المندوب.

الشافعية قالوا: إن ألفاظ التشهد هي: "التحيات المباركات الصلوات الطيبات للّه، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله الا اللّه، وأشهد أن سيدنا محمداً رسول اللّه"؛ وقالوا: إن الفرض يتحقق بقوله: "التحيات للّه، سلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته، سلام علينا، وعلى عباد اللّه الصالحين. أشهد أن لا إله الا اللّه، وأشهد أن سيندنا محمداً رسول اللّه". أما الإتيان بما زاد على ذلك مما تقدم فهو أكمل...

الحنابلة قالوا: إن التشهد الأخير هو: "التحيات للّه، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي، ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أ، لا إله الا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللّهم صلي على محمد".
والأخذ بهذه الصيغة أولى، ويجوز الأخذ بغيرها مما صح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم كالأخذ بتشهد ابن عباس مثلاً، والقدر المفروض منه "التحيات للّه، سلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه، سلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، أشهد أن لا إله الا اللّه وأن محمداً رسول اللّه صلِّ على محمد"، الا أن الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم لا تتعين بهذه الصيغة).


فهل يوجد تفسير علمي لكل هذه الاختلافات؟؟؟

الأحد، أغسطس 29، 2010

بحث في عدم إطاعة السلطان الجائر ونصوص أهل الحديث وغيرهم

بحث في عدم إطاعة السلطان الجائر ونصوص أهل الحديث وغيرهم


إطاعة السلطان الجائر

فلقد اتّفقت كلمة الحنابلة ومن لفّ لفّهم على وجوب إطاعة السلطان الجائر وإليك نصوصهم :
قال أحمد بن حنبل في إحدى رسائله : السمع والطاعة للأئمّة وأمير المؤمنين البر والفاجر ، ومن ولي الخلافة فأجمع الناس ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف وسمّي أمير المؤمنين ، والغزو ماض مع الأُمراء إلى يوم القيامة ، البر والفاجر ، وإقامة الحدود إلى الأئمّة وليس لأحد أن يطعن عليهم وينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائز ، من دفعها إليهم أجزأت عنهم ، براً كان أو فاجراً ، وصلاة الجمعة خلفه وخلف كلّ من ولي ، جائزة إقامته ، ومن أعادها فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنّة.
ومن خرج على إمام من أئمّة المسلمين وكان الناس قد اجتمعوا عليه وأقرّوا له بالخلافة بأي وجه من الوجوه ، أكان بالرضا أو بالغلبة فقد شق الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول اللّه ، فإن مات الخارج عليه ، مات ميتة جاهلية. (1)
هذا الرأي المنقول عن إمام الحنابلة لا يمكن إنكار صحّة نسبته إليه ، ولأجل ذلك قال الأُستاذ أبو زهرة : ولأحمد رأي يتلاقى فيه مع سائر الفقهاء ، وهو جواز إمامة من تغلّب ورضيه الناس وأقام الحكم الصالح بينهم ، بل إنّه يرى أكثر من ذلك ، إنّ من تغلّب وإن كان فاجراً تجب إطاعته حتّى لا تكون الفتن. (2)
والعبارة التي نقلناها عن إمام الحنابلة تكاد تعرب عن وجوب إطاعة الجائر ولو أمر بمعصية الخالق وهو أمر عجيب منه جدّاً مع أنّ أكثر الأشاعرة الذين يحرّمون الخروج عليه ، لا يوجبون طاعته في هذا الحال كما يوافيك نصوصهم ، ولغرابة رأي ابن حنبل هذا ، ذيّله أبو زهرة بقوله : ولكنّه ينظر في هذه القضية إلى مصلحة المسلمين وأنّه لا بدّ من نظام مستقرّ ثابت ، وأنّ الخروج على هذا النظام يحل قوة الأُمّةويفك عراها ، ولأنّه رأى من أخبار الخوارج وفتنتهم ما جعله يقرر أنّ النظام الثابت أولى وأنّ الخروج عليه يرتكب فيه من المظالم أضعاف ما يرتكبه الحاكم الظالم.
ثمّ إنّه ينظر في القضية نظرة اتباع فإنّ التابعين الذين عاشوا في العصر الأموي إلى أكثر من ثلثي زمانه قد رأوا مظالم كثيرة ، ومع ذلك نهوا عن الخروج ولم يسيروا مع الخارجين ، وكانوا ينصحون الخلفاء والولاة إن وجدوا آذاناً تسمع ، وقلوباً تفقه ، وفي كلّ حال لا يخرجون ولا يؤيدون خارجه. (3)
وهذا التوجيه من الأُستاذ غريب جدّاً.
أمّا أوّلاً : فلأنّ الخروج على النظام الظالم إذا كان موجباً لحلّ قوّة الأُمّة وفك عراها ، يكون الصبر تشويقاً لتماديه في الظلم وإكثار الضغط على الأُمّة وبالنتيجة : تحويل الدين وتحريفه عمّا هو عليه من الحقّ ... فأي فائدة تكمن في حفظ قوّة أُمة ، انحرفت عن صراطها وتبدّلت سننها وتغيّرت أُصولها ، فإنّ الظالم لا يرى لظلمه حدّاً ولتعدّيه ضوابط ، فلو رأى أنّ الإسلام بواقعه يضاد آراءه الشخصية وميوله الخبيثة ، عمد إلى تغييره وتحويره فليس يقتصر ظلم الظالم على التعدّي على النفوس والأموال ، بل الراكب على أعناق الناس يغير كلّ شيء كيفما يريد ، وحيثما يرى أنّه لصالح شخصه ، والتاريخ شاهدنا الأصدق على ذلك.
وأمّا ثانياً : فإنّ الأُستاذ أبا زهرة نسب إلى التابعين الذين عاشوا في العصر الأموي إلى أكثر من ثلثي زمانه بأنّهم رأوا مظالم كثيرة ومع ذلك نهوا عن الخروج ولم يسيروا مع الخارجين ... ولكنّه غفل عن قضية الحرة الدامية حيث كان الخارجون فيها على الحكومة الغاشمة هم الصحابة والتابعين ... .
وهذا المسعودي صاحب « مروج الذهب » ينقل إلينا لمحة عمّا جرى هناك ويقول :
ولمّا انتهى الجيش من المدينة إلى الموضع المعروف بالحرة وعليهم « مسرف » خرج إلى حربه أهلها ، عليهم عبد اللّه بن مطيع العدوي وعبد اللّه بن حنظلة الغسيل الأنصاري ، وكانت وقعة عظيمة قتل فيها خلق كثير من بني هاشم وسائر قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس ، فقد قتل من آل أبي طالب اثنان : عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب ، وجعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب; ومن بني هاشم من غير آل أبي طالب : الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب ، وحمزة بن عبد اللّه بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب والعباس ابن عتبة ابن أبي لهب بن عبد المطلب ، وبضع وتسعون رجلاً من سائر قريش ومثلهم من الأنصار وأربعة آلاف من سائر الناس ممّن أدركه الإحصاء دون من لم يعرف. (4)
هل نسي أبو زهرة ( أو لعلّه تناسى ) قضية دير الجماجم حيث قام ابن الأشعث التابعي في وجه الحجّاج السفّاك بالموضع المعروف بدير الجماجم فكان بينهم نيف وثمانون وقعة تفانى فيها خلق وذلك في سنّة اثنتين وثمانين. (5)
وعلى كلّ تقدير فقد اقتفى أثر أحمد بن حنبل جماعة من متكلّمي الأشاعرة وغيرهم وادّعوا بأنّ هذه عقيدة إسلامية كان الصحابة والتابعون يدينون بها وأنّه يجب الصبر على الطغاة الظلمة إذا تصدروا منصة الحكم ، نعم غاية ما يقولونه هو : إنّه لا تجب إطاعتهم إذا أمروا بالحرام والفساد جاعلين قولهم هذا منعطفهم الوحيد عن قول ابن حنبل وبقية أهل الحديث ، وإليك نبذة من أقوال القوم :
1 ـ قال الإمام الشيخ أبو جعفر الطحاوي الحنفي ( المتوفّى 321 هـ ) في رسالته المسمّاة ب ـ « بيان السنّة والجماعة » المشهور ب ـ « العقيدة الطحاوية » : ونرى الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر من أهل القبلة ولا نرى السيف على أحد من أُمّة محمّد إلاّ على من وجب عليه السيف ( أي سفك الدم بالنصّ القاطع كالقاتل والزاني المحصن والمرتد ) ولا نرى الخروج على أئمّتنا ولا ولاة أمرنا وإن جاروا ، ولا ندعو على أحد منهم ولاننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعات اللّه عزّوجلّ فريضة علينا مالم يأمروا بمعصية. (6)
2 ـ قال الإمام الأشعري من جملة ما عليه أهل الحديث و السنّة : ويرون العيد والجمعة والجماعة خلف كلّ إمام برّ وفاجر ... إلى أن قال : ويرون الدعاء لأئمّة المسلمين بالصلاح ، وأن لا يخرجوا عليهم بالسيف ، وأن لا يقاتلوا في الفتن. (7)
3 ـ وقال الإمام أبو اليسر محمد بن عبد الكريم البزدوي : الإمام إذاجار أو فسق لا ينعزل عند أصحاب أبي حنيفة بأجمعهم وهو المذهب المرضي ... ثمّ قال : وجه قول عامة أهل السنّة والجماعة إجماع الأُمّة ، فإنّهم رأوا الفسّاق أئمّة ، فإنّ أكثر الصحابة كانوا يرون بني أُمية وهم بنو مروان أئمّة حتى كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلفهم ويرون قضاياهم نافذة ، وكذا الصحابة والتابعون ، وكذا من بعدهم يرون خلافة بني عباس وأكثرهم فسّاق ، ولأنّ القول بانعزال الأئمّة بالفسق ، إيقاع الفساد في العالم ، وإثبات المنازعات وقتل الأنفس ، فإنّه إذا انعزل يجب على الناس تقليد غيره ، وفيه فساد كثير ثمّ قال : إذا فسق الإمام يجب الدعاء له بالتوبة ولا يجوز الخروج عليه ، وهذا مروي عن أبي حنيفة ، لأنّ الخروج إثارة الفتن والفساد في العالم. (8)
4 ـ وقال الإمام أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني ( المتوفّى عام 403 هـ ) في التمهيد : إن قال قائل : ما الذي يوجب خلع الإمام عندكم؟ قيل له : يوجب ذلك أُمور : منها : كفر بعد إيمان ، ومنها : تركه الصلاة والدعاء إلى ذلك ، ومنها : عند كثير من الناس فسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرمةوتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ، وقال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع بهذه الأُمور ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي اللّه ، إذ احتجوا في ذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال وأنّه قال ( عليه السَّلام ) : واسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع ، ولو لعبد حبشي ، وصلوا وراء كلّ بر وفاجر. وروي أنّه قال : وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك وأطيعوهم ما أقاموا الصلاة. (9)
5 ـ وقال الشيخ نجم الدين أبوحفص عمر بن محمد النسفي ( المتوفّى عام 537 هـ ) في العقائد النسفية : ولا ينعزل الإمام بالفسق والجور ... ويجوز الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر.
وعلّله الشارح التفتازاني بقوله : لأنّه قد ظهر الفسق واشتهر الجور من الأئمّة والأُمراء بعد الخلفاء الراشدين ، والسلف كانوا ينقادون لهم ، ويقيمون الجمع والأعياد بإذنهم ، ولا يرون الخروج عليهم. (10)

ما استدلّوا به من روايات لإطاعة الجائر
وقد أيّدت تلك العقائد بروايات ربما يتصور القارئ انّ لها نصيباً من الحقّ أو حظاً من الصدق لكن الحقّ أنّ أكثرها مفتعلة على لسان رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قد أفرغها في قالب الحديث جمع من وعاظ السلاطين ومرتزقتهم تحفّظاً على عروشهم وحفظاً لمناصبهم ، وإليك بعض تلك الروايات التي رواها مسلم في صحيحه :
1 ـ روى مسلم ، عن حذيفة بن اليمان ، قلت : يا رسول اللّه ... إلى أن قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : يكون بعدي أئمّة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنّتي ، وسيقوم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ، قال : قلت : كيف أصنع يا رسول اللّه إن أدركت ذلك؟ قال : تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع.
2 ـ وروي عن أبي هريرة ، عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أنّه قال : من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة الجاهلية ... إلى أن قال : ومن خرج على أُمّتي يضرب برها وفاجرها ، ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس منّي ولست منه.
3 ـ روي عن ابن عباس أنّه قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ، فإنّه من فارق الجماعة شبراً فمات ، فميتته جاهلية.
4 ـ روي عنه أيضاً ، عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : من رأى من أميره شيئاً فليصبر ، فإنّه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلاّمات ميتة جاهلية.
5 ـ روي عن عبد اللّه بن عمر ، أنّه جاء إلى عبد اللّه بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال : أخرجوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال : إنّي لم آتك لأجلس ، أتيتك لأحدّثك حديثاً سمعت رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) يقوله : من خلع يداً من طاعة لقي اللّه يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
وقد فسر ابن عمر قول رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) بلزوم بيعة يزيد وإطاعته حتى في مسألة الحرة.
6 ـ روي عن أُمّ سلمة ، أنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : « ستكون أُمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف بريء و من أنكر سلم ولكن من رضي وتابع ». قالوا يا رسول اللّه : ألا نقاتلهم؟ قال : « لا ما صلّوا ».
7 ـ روي عن عوف بن مالك في حديث : قيل يا رسول اللّه أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يداً من طاعته. (11)
وقد أورد ابن الأثير الجزري قسماً من هذه الأحاديث في « جامع الأُصول ». (12)
8 ـ روى البيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : سيكون بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون ، ويفعلون بما يؤمرون وسيكون بعدهم خلفاء يعملون بما لا يعلمون ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن أنكر عليهم برئ ومن أمسك يده سلم ولكن من رضي وتابع. (13)
9 ـ وروى ابن عبد ربه ، عن عبد اللّه بن عمر : إذا كان الإمام عادلاً فله الأجر وعليك الشكر ، وإذا كان الإمام جائراً فعليه الوزر وعليك الصبر. (14)
10 ـ وهذه الأحاديث تهدف إلى قول أحمد بن حنبل فقد عرفت ما في إحدى رسائله وهذا نصّه : السمع والطاعة للأئمّة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة فاجتمع عليه الناس ورضوا به ومن غلبهم بالسيف وسمّي أمير المؤمنين ، والغزو ماض مع الأُمراء إلى يوم القيامة. (15)
عرض أحاديث إطاعة الجائر على القرآن
وقبل كلّ شيء يجب علينا أن نعرض تلك الروايات على كتاب اللّه سبحانه فإنّه المحك الأوّل لتشخيص الحديث الصحيح من السقيم.
قال سبحانه حاكياً عن العصاة والكفّار : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنا اللّهَ وَأَطَعنا الرَّسُولا* و قالُوا رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سَادَتَنا وَكُبَرَاءَنا فَأَضَلُّونا السَّبِيلا* رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَينِ مِنَ العَذابِ وَالعَنْهُمْ لَعْناً كَبيراً ). (16)
فهذا القسم من الآيات يندّد بقول من يرى وجوب طاعة السلطان الظالم التي توجب ضلالة المطيع له عن السبيل السوي ، وثمة آيات تندّد بعمل من يصبر على عمل الطاغية من دون أن يأمره بالمعروف أو ينهاه عن المنكر ، وترى نفس السكوت والصبر على طغيان الطاغية جرماً وإثماً موجباً للهلاك ، وهذه الآيات هي الواردة حول قوم بني إسرائيل الذين كانوا يعيشون قرب ساحل من سواحل البحر فتقسّمهم إلى أصناف ثلاثة :
الأوّل : الجماعة المعتدية العادية التي رفضت حكم اللّه سبحانه حيث حرم عليهم صيد البحر يوم السبت قال سبحانه : ( إِذْ يعدون في السّبت إِذ تَأْتيهِمْ حيتانُهُمْ يَوْم سَبْتِهِمْ شُرّعاً وَيَومَ لا يَسْبِتُون لا تَأْتيهِمْ ... ). (17)
الثاني : الجماعة الساكتة التي أهمّتهم أنفسهم لا يرتكبون ماحرم اللّه وفي الوقت نفسه لا ينهون الجماعة العادية عن عدوانها ، بل كانوا يعترضون على الجماعة الثالثة التي كانت تقوم بواجبها الديني من إرشاد الجاهل والقيام في وجه العاصي والطاغي ، بقولهم : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أو مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً ) . (18)
الثالث : الجماعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر معتبرين ذلك وظيفة دينية عريقةونصيحة لازمة للإخوان وقد حكى اللّه سبحانه عن لسانهم في محكم كتابه العزيز حيث قال : ( مَعْذِرةً إِلى ربِّكُمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَّقُون ) . (19)
نرى أنّ اللّه سبحانه أباد الطائفتين الأوّليين وأنجى الثالثة. قال سبحانه : ( فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخذْنا الّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذاب بَئيس بِما كانُوا يَفْسُقُون ) . (20)
فالآية الأخيرة صريحة في حصر النجاة في الناهين عن السوء فقط وهلاك العادين والساكتين عن عدوانهم ، فلو كان السكوت والصبر على عدوان العادين أمراً جائزاً لماذا عمّ العذاب كلتا الطائفتين؟ أو ما كان في وسع هؤلاء أن يعتذروا للقائمين بالأمر بالمعروف ، بأنّ في القيام والخروج وحتى في النصيحة بالقول ، تضعيفاً لقوة الأُمّة وفكّاً لعراها؟
فلو دلّت الآية الأُولى على حرمة طاعة الظالم في الحرام ، ودلّت الآية الثانية على حرمة السكوت في مقابل طغيان العادين ، فهناك آية ثالثة تدلّ على حرمة الركون إلى الظالم يقول سبحانه : ( وَلا تَركَنُوا إِلى الَّذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّار ). (21)
أو ليس تأييد الحاكم الجائر والدعاء له في الجمعة والجماعات وإقامة الصلاة بأمره ، وإدارة كلّ شأن خوّل منه إليه ، يعد ركوناً إلى الظالم؟! فما هو جواب هؤلاء المرتزقة في ما يسمّى بالدول الإسلامية الذين يعترفون بجور حكامهم وانحرافهم عن الصراط السوي ، ومع ذلك يدعون لهم عقب خطب الجمعات بطول العمر ودوام السلامة ويديرون الشؤون الدينية حسب الخطط التي يرسمها ويصوّرها لهم أُولئك الحكام ، الذين يعدهم هؤلاء المرتزقة محاور ومراكز ، ويعدّون أنفسهم أقماراً تدور في أفلاكها ، اللّهمّ إلاّ أن يعتذر هؤلاء بعدم التمكّن ممّا يجب عليهم من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر على مراتبها المختلفة ، ولكنّه عذر لا يقبل في كثير من الأحيان ، وعلى ذلك الأساس فما قيمة تلك الروايات المعارضة لنصوص الكتاب وصريح الذكر الحكيم؟!

أحاديث معارضة لأحاديث طاعة الجائر
إنّ هناك روايات تنفي صحّة الروايات السابقة وتجعلها في مدحرة البطلان وقد نقلها أصحاب الصحاح والسنن أيضاً وعند المعارضة يؤخذ من السنّة الشريفة ما يوافق كتاب اللّه الحكيم. وإليك نزراً من تلك الروايات :
قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « اسمعوا : سيكون بعدي أمراء ، فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم ، فليس منّي ولست منه ، وليس بوارد علي الحوض ». (22)
هذا بعض ما لدى السنّة من الروايات ، و أمّا ما لدى الشيعة فنأتي ببعضها :
1 ـ عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أنّه قال : « ألا ومن علق سوطاً بين يدي سلطان ، جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعباناً من النار طوله سبعون ذراعاً يسلّطه اللّه عليه في نار جهنم وبئس المصير ».
2 ـ وعنه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أنّه قال : « إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين أعوان الظلمة ، ومن لاق لهم دواة أو ربط لهم كيساً ، أو مد لهم مدة قلم ، فاحشروهم معهم ».
3 ـ وعنه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أنّه قال : « من خفّ لسلطان جائر في حاجة كان قرينه في النار ».
4 ـ وقال ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : « ما اقترب عبد من سلطان جائر إلاّتباعد من اللّه ».
5 ـ وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السَّلام ) أنّه قال : « من أحبّ بقاء الظالمين ، فقد أحبّ أن يعصى اللّه ».
6 ـ و عنه ( عليه السَّلام ) أنّه قال : « من سوّد اسمه في ديوان الجبّارين حشرهاللّه يومالقيامة حيراناً ».
7 ـ وعنه ( عليه السَّلام ) أنّه قال : « من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم ، فقد خرج عن الإسلام ».
8 ـ وعن الإمام الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السَّلام ) أنّه قال : « ما أحبّ أنّي عقدت لهم عقدة ، أو وكيت لهم وكاء وأنّ لي ما بين لابتيها ، لا ، ولا مدة بقلم ، إنّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يفرغ اللّه من الحساب ». (23)
وغيرها من عشرات الأحاديث والروايات الواردة من النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وأهل بيته المعصومين ( عليهم السَّلام ) الناهية عن السكوت على الحاكم الجائر ، والحاثّة على زجره ودفعه ، والإنكار عليه بكلّ الوسائل الممكنة ، فهذه الأحاديث تدلّ على أنّ ما مرّ من الروايات الحاثة على السكوت عن الحاكم الظالم ، والانصياع لحكمه والتسليم لظلمه ، والرضا بجوره ، جميعها ممّا لفّقه رواة السوء والجور بإيعاز من السلطات الحاكمة في تلك العصور المظلمة ، فنسبوه إلى النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وهو ـ روحي فدا هـ منها براء لمعارضتها الصريحة لمبادئ الكتاب والسنّة الصحيحة.
ولو لم يكن في المقام إلاّ قول علي ( عليه السَّلام ) في خطبته : « ... وما أخذ اللّه على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ... » (24) لكفى في وهن تلك الروايات المفتعلة على لسان النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ).

وفي ختام الكلام نلفت نظر القارئ الكريم إلى ما قاله الإمام أبو الشهداء الحسين بن علي ( عليهما السَّلام ) لأهل الكوفة حيث خطب أصحابه وأصحاب الحرّ ( قائد جيش عبيد اللّه بن زياد آنذاك ) فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال : « أيّها الناس إنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : من رأى سلطاناً جائراً ، مستحلاً لحرم اللّه ، ناكثاً لعهد اللّه ، مخالفاً لسنّة رسول اللّه ، يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان ، فلم يغير عليه بفعل ولا قول ، كان حقّاً على اللّه أن يدخله مدخله ، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، وأحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله ، وأنا أحقّ من غيّر ». (25)
وهذه النصوص الرائعة المؤيّدة بالكتاب والسنّة وسيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين الذين قاموا في وجه الطغاة من بني أُمّية وبني العباس ، تشهد بأنّ ما نسب إلى الصحابة والتابعين من الاستسلام والسكوت على ظلم الظالمين لكون ذلك من عقيدتهم الإسلامية ما هو إلاّ بعض مفتعلات أصحاب العروش وقد وضعها وعّاظهم ومرتزقتهم ، وإلاّفالطيّبون من الصحابة والتابعين بريئون من هذه النسبة.



1 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة : 2/322.
2 ـ المصدر السابق : ص 321; ولاحظ كتاب السنّة لابن حنبل : 46.
3 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية : 2/322.
4 ـ مروج الذهب : 3/69 ـ 70.
5 ـ نفس المصدر السابق : 3/132.
6 ـ شرح العقيدة الطحاوية : 110و 111.
7 ـ مقالات الإسلاميين : 323.
8 ـ أُصول الدين : 190 ـ 192 .
9 ـ التمهيد : 186.
10 ـ شرح العقائد النسفية : 185و 186.
11 ـ صحيح مسلم : 6/20 ـ 24 ، باب الأمر بلزوم الجماعة ، وباب حكم من فارق أمر المسلمين.
12 ـ لاحظ جامع الأُصول : 4 ، الكتاب الرابع في الخلافة والأمارة ، الفصل الخامس ص 451 الخ.
13 ـ السنن الكبرى : 8/158.
14 ـ العقد الفريد : 1/8.
15 ـ تاريخ المذاهب الإسلامية : 2/322.
16 ـ الأحزاب : 66 ـ 68.
17 ـ الأعراف : 163.
18 ـ الأعراف : 164.
19 ـ الأعراف : 164.
20 ـ الأعراف : 165.
21 ـ هود : 113.
22 ـ جامع الأُصول : 4/75 نقلاً عن الترمذي والنسائي.
23 ـ راجع لمعرفة هذه الأحاديث وسائل الشيعة : 12 ، الباب 42 من أبواب ما يكتسب به ، الأحاديث 6 ، 10 ، 11 ، 12 ، 14 ، 15و الباب 44 الحديث 5 و 6.
24 ـ نهج البلاغة : الخطبة 3.
25 ـ تاريخ الطبري : 4/304 ، حوادث سنة 61.

الجمعة، يناير 22، 2010

الحسين عليه الصلاة والسلام.. الماء والدمعة والدم! ... بقلم سماحة الشيخ المجاهد ياسر الحبيب

على ظهر هذا الكوكب بشر؛ قرابة مليار منهم؛ ما إن يغرف الواحد منهم غرفة من ماء ليرتشفها؛ حتى تعود به الذاكرة إلى مئات من الأعوام خلت لترتسم في هنه صورة ذلك الثائر المضحّي الشهيد الذي قُتل ظمآناً، فيتمتم قائلاً : " السلام عليك يا أبا عبدالله الحسين"..
وأينما نظر المرء منّا إلى الماء فإنّه يجد الحسين وعطشه فيه، فتراه يحدّث نفسه بأنّ هذا الماء قد حُرم منه سيّد الشهداء وأهل بيته وأنصاره صلوات الله عليهم، وقد قتلوا جميعاً عطاشى وألسنتهم تلتهب من شدّة الظمأ فيستذكر ما جرى وما وقع في تلك الفاجعة العظيمة، وتختلج في صدره الأحزان.. وهكذا ظلّ الماء والحسين (عليه الصلاة والسلام) متلازمين في عالم المعاني، والحقّ أنّ هذا الارتباط قد أوجده الله تعالى بحكمته، فقرن بين قضية الحسين (عليه السلام) وعنصر الحياة وجعل بينهما علاقة أزلية لتدوم القضية بدوام الماء الذي لابدّ لكل كائن حي منه حتّى يعيش، فإذا عاش احتاج إلى الماء، وإذا احتاج إلى الماء تذكّر الحسين، وإذا تذكّر الحسين تجدّدت رسالته في نفسه، فيبقى الإسلام وتبقى الولاية على مرّ الزمان. وإذا كان الماء سرّ الحياة المادّية، فإنّ الحسين (عليه الصلاة والسلام) سرّ الحياة المعنوية الحرّة الكريمة الأبيّة. وما ظلّ في الدنيا ماء فسيبقى الحسين حيّاً في الضمائر والقلوب، وحتّى إن نضب وحلّ الجفاف فإنّ جميع أهل الأرض سيتذكّرون عطش الحسين وحرمانه منه.
أجل.. قد جعل الله (عزّوجلّ) من الماء كلّ شيء حي، وجعل من الحسين (عليه الصلاة والسلام) كلّ مؤمن حرّ.و ثمّة علاقة فطرية أُخرى ليست معنوية فحسب بل تكوينية أيضاً، وهي العلاقة التي تربط بين الحسين (عليه الصلاة والسلام) وبين دمعة الإنسان، أيّاً كانت عقيدته وأيّاً كان انتماؤه، فإنّ لسيّد الشهداء تأثيراً على عيون الناس ودموعهم التي تتقاطر تلقائياً ولا إرادياً في كثير من الأحيان، عند ذكر قصّة استشهاده ومقتله، فتجد حتى غير المعتقدين بولايته كالنواصب والكفّار والملحدين يتأثّرون ويكون، بل إنّ الدموع قد نزلت من عيون قاتليه كيزيد وعمر بن سعد (عليهما اللعنة) ولم يكن ذلك عن قصد واختيار منهم بل عن تأثير تكيوني ودافع فطري لأنّ للحسين (صلوات الله عليه) علاقة حميمة بالدموع والعبرات. فعن سعد بن عبد الله قال: سألت القائم (عليه السلام) عن تأويل كهيعص قال (عليه السلام): هذه الحروف من أنباء الغيب أطّلع الله عليها عبده زكريا ثم قصهاعلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك أن زكريا سأل الله ربه ان يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فعلمه إيّاها، فكان زكريا إذا ذكر محمداً وعلياً وفاطمة والحسن (عليهم السلام) سُرِّي عنه همه، وانجلى كربه، وإذا ذكر اسم الحسين (عليه السلام) خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة، فقال ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته. (بحار الأنوار: ج 44 ص 223).وفي تفسير الدر المنثور في تفسير قوله تعالى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:37)، أنه رأى ساق العرش وأسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) فلقنّه جبرئيل قل: يا حميد بحق محمد، و يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الإحسان، فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه وقال: يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرئيل: ولدك هذا يصاب تصغر عندها المصائب؟ فقال: يا أخي وما هي؟ قال: يقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً ليس له ناصر ولا معين. (بحار الأنوار: ج 44 ص 245).وقد ورد في صحيح الأخبار عن آل النبي المختار (عليهم السلام) أنّه في يوم عاشوراء بكت جميع الخلائق على أبي عبدالله حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار، بل بكاه أيضاً أهل جهنّم من الكافرين، وما ذلك إلاّ لأنّ الدمعة صنيعة قضية الحسين صلوات الله وسلامه عليه، وأيّاً كانت العين الباكية فإنّ محابس الدموع فيها لا تتمكّن من حبسها عندما تذكر قصّته الحزينة المؤلمة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أنا قتيل العبرة قتلت مكروباً وحقيق عليّ أن لا يأتيني مكروب قط إلاّ رده الله و أقلبه إلى أهله مسروراً. (كامل الزيارات: ص216).وقال (عليه السلام): أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلاّ بكى. (كامل الزيارات: ص 215). ولنعم ما قال الشاعر: تبكيك عيني لا لأجل مثوبة!                  لكنّما عيني لأجلك باكية
ولربما لاحظ البعض أنّ اسم (حسين) هو بحدّ ذاته ذو إيقاع حزين خاص خلافاً لكلّ الأسماء الأُخرى، ولربما لا يجد علماء النفس لذلك سبباً منطقياً وجيهاً، فأن يكون لهذا الاسم إيقاعه الحزين عند الذين يمتلكون الخلفية الثقافية عنه من الشيعة؛ ومن يعرفون قصّة استشهاده وسيرته؛ فذلك أمر ليس بعجيب، ولكن العجيب هو تأثّر من لم يعرفوا عن سيّد الشهداء (عليه السلام) شيئاً وإنّما لمجرد سماعهم باسمه الشريف. إذ كيف يتأثّر من كان كذلك بمجرد إنصاته بهدوء لاسم (حسين) مكررا؟! وكيف يحسّ بتلك المشاعر الحزينة وقد انتابته ما إن تردّد عليه هذه الكلمة؟! إنّ هذا هو ما لا يمكن تفسيره إلاّ بالغيب والفطرة الإلهية حيث قضى الله (تعالى) أن يكون اسم الحسين (عليه الصلاة والسلام) مثيراً للحزن واللوعة والدمعة. ولنضرب مثالاً لذلك فنقول إنّ طائر البومة قد ارتبطت صورته في الذاكرة الإنسانية بالحزن دون سبب علمي وجيه إلاّ أنّ شكل هذا الطائر أعطى هذا الانطباع، فهكذا هو اسم الحسين، يبعث النفس البشرية إلى أن تحزن وتتألّم. فكيف إذا علمنا بأنّ طائر البومة – كما ورد في الروايات – ظلّ حزيناً حقّاً منذ مقتل الحسين بن علي عليهما الصلاة والسلام؟!
إنّ كلّ من يسمع بقضية أبي عبدالله لا يمكنه إلاّ أن يتأثّر وإلاّ أن تدمع عيناه، حتى وإن كان قلبه من حجر، فإنّ الحجر نفسه بكى على الحسين دماً إذ لم يُرَ حجر في يوم العاشر إلاّ ووجُد أسفله دم عبيط! بل التاريخ يذكر أنّ السماء بكت دماً على الإمام الحسين عليه السلام. وما هذا إلا لأن قضية الحسين (صلوات الله عليه) قضية استثنائية تكوينا وتشريعا، وهنا أمر آخر استثنائي يرتبط بالدم، إنه الدم الذي يتدفق من أجساد الموالين يوم العاشر من محرم كل عام دون أن يُصابوا بالأذى! والدم الذي يتدفق من صخرة في الشام وُضع عليها رأسه الشريف قبل أربعة عشر قرنا! والدم الذي ينسال من شجرة في قزوين حطّت عليها طيور حملت قطرات من دم الحسين الشهيد بأبي هو وأمي!
فهل هذه إلا خروقات للقواعد الكونية! وهل هذه إلا تعابير حيّة عن قضية استثنائية لا مثيل لها ولن يكون لها مثيل إلى يوم الدين!
ألا إن الحسين.. ماء الحياة، ودمعة الفؤاد، ودم الثورة!

الثلاثاء، ديسمبر 08، 2009

آخر أخبار الحرب الصهيوسعودية على شعب اليمني الاعزل





إباء
اتهمت جماعة الحوثيين اليمنية جيش السعودية بإستهداف المدنيين واكدوا ان المناطق التي تم قَصفها من قبل الطيران الحربي السعودي هي مناطق مدنية ومزدحمة بالسكان.و اكد المتحدث بإسم الحوثيين محمد عبد السلام في تصريح خاص لقناة العالم الاخبارية أن القصف السعودي على الاراضي والقرى اليمنية لايمكن تبريره لأن المناطق التي تتعرض للقصف بعيدة عن مناطق القتال بمئات الكيلومترات.
و أشار عبد السلام الى قصف سيارة مدنية كانت تقل مواطنين لم يرتكبوا اي جريمة سوى انهم من ابناء المنطقة.
و نفى الناطق بإسم الحوثيين أن تكون المناطق التي تتعرض للقصف السعودي مخابئ لمقاتلين حوثيين، مؤكدا انها قرى ومناطق آهلة بالسكان في صعدة ومحيطها، ومعروفة بالازدحام بالسكان في ثلاث محافظات هي صعدة وحجة وعمران.
و شدد عبد السلام علي انه ليس من حق السعودية ان تتطاول على الارض والسيادة اليمنية، مشيرا الى ان عمق الاستهداف يدل على كذب المزاعم السعودية بمواجهة التسلل اليمني لاراضيها.
و قال " ان التدخل السعودي لم يحقق اي مكسب او منجز على الارض بعد اكثر من شهر على العدوان السعودي، حيث ما زال الجيش السعودي يراوح مكانه بين كر وفر، مؤكدا ان اليمنيين سيقاومون الاعتداء السعودي ولن يملوا الحرب ".
و نوّه الى ان المبادرة على الارض بيد المقاتلين اليمنيين حيث يقتحمون مواقع العدو ويحصلون على الغنائم العسكرية ويستطيعون المناورة والتحرك يحرية وسهولة، حيث يتمكنون من ضرب العدو بمختلف الوسائل وفي اي مكان.
و اضاف قائلا " ان المواجهات مع الجيش اليمني تدور رحاها على اكثر من جبهة في مديرية سفيان في محافظة عمران والمنازلة جنوب مديرية الملاحيط وفي محيط مدينة صعدة، مشيرا الى ان المواجهات مستمرة لكنها اكثر هدوء من السابق دون ان يتمكن الجيش اليمني من تحقيق اي شيئ، بعد اكثر من 4 اشهر على المواجهات ".
و حذر عبد السلام من ان الوضع الانساني للمدنيين في مناطق القتال والنازحين منها كارثي فعلا، حيث يعانون من نقص الغذاء والدواء وعدم توفر المكان الامن، وعدم توفر اي خدمات من قبل المنظمات والهيئات الانسانية، مشيرا الى ان اعداد النازحين يزداد بسبب القصف السعودي، ما ينذر بتفاقم الكارثة


========================





لندن :
في خطوة عززت الاعتقاد بالتقارير التي تحدثت عن حالات تمرد شهدها الجيش السعودي وتهرب من التقدم الى خط النار في مواجهة الحوثيين وانهيار الروح المعنوية بشكل لافت ، اقدم الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز على زيارة قطعات الجيش السعودي في مواجهة الحوثيين امام الحدود مع اليمن في منطقة جازان .
وأكد العاهل السعودي عزم بلاده على محاربة المتسللين والفاسدين، وقال في كلمة امام جمع من الضباط وافراد القوات المسلحة، بعد انتهاء جولته على مواقع القوات المسلحة:
" وإننا بعون الله قادرين على حماية وطننا وشعبنا من كل عابث او فاسدا او إرهابي أجير"!
وكان الامير خال بن سلطان مساعد وزير الدفاع بمعية الملك ، حيث استعرض معه جانبا من القوات السعودية في منطقة جازان التي شهدت مؤخرا مواجهات بين الحوثيين والسعوديين ، ونجاح الحوثيين في تحقيق التفاف لاكثر من مرة في هذا الجزء الجنوبي من جبهة القتال مع الحوثيين .
وعلى صعيد متصل ، إتهم الحوثيون النظام السعودي بالفشل الذريع في تحقيق أي تقدم له في الأراضي والحدود اليمنية، وسقوط إعداد كبيرة منهم بين قتيل وجريح مما تسبب في انهيار معنوياتهم القتالية.
وقال بيان الحوثي " ان ذلك الانهزام والأعداد الكبيرة الذين سقطوا مابين قتيل وجريح من الجيش السعودي قد تسبب في تدهور كبير في صفوفهم ومعنوياتهم، مما حذا بقيادتهم إلى استدعاء مجاميع من الجيش اليمني وتقديمهم في الصفوف الأولى للمواجهات، وتولى الجانب السعودي بتحريك الدبابات والمدرعات السعودية من خلفهم ليكونوا الضحية والفداء على الجنود السعوديين"، ووصف البيان هذا الموقف من السلطات اليمنية بانه "المهزلة و العار والفضيحة المدوية والكارثة التي تمس من كرامة كل يمني غيور".
واتهم الحوثي في ذات الوقت من أسماهم بقادة الجيش اليمني والأمناء عليه "  بإيصال قيمة الدم اليمني إلى هذا المستوى الرخيص لديهم، كون دماء اليمنيين رخيصة لديهم ولا تملك أو تساوي الأثر الذي يخلفه سقوط ضحايا من الجنود السعوديين"
واعلن مسؤولون سعوديون إنه تم إخلاء أكثر من 200 قرية في المنطقة الحدودية، منذ أن أطلقت السعودية حملة عسكرية الشهر الماضي ضد الحوثيين اليمنيين، بعد أن تسلل بعضهم إلى الأراضي السعودية وسيطروا على مواقع حدودية. واكدوا أن السلطات السعودية قامت بإعداد خيام لاستقبالهم، و افتتحت مدارس مؤقتة ومستشفيات في هذه المخيمات.
وكان الحوثيون أعلنوا في وقت سابق من اليوم الاربعاء ،  أن عدة مناطق حدودية تعرضت مساء أمس إلى 43 غارة جوية سعودية ترافقت مع قصف مدفعي،وتواصل محاولات الجيش السعودي التسلل إلى منطقة جبل المدود .


========================









عواصم عالمية - :
 أدي استمرار التدخل السعودي باليمن والصمت الدولي على المجازر التي ترتكب ضد المدنيين الي اثارة حفيظة كثير من الشخصيات في دول العالم.
و أفادت وكالات الانباء أن رئيسة جمعية نكبة الفلسطينية في كركاس انا لاورا قالت في تصريح لقناة العالم الاخبارية امس السبت " ان اعتداءات الجيش السعودي على المناطق الحدودية لشمال اليمن وتحديدا صعدة هي اعتداءات وتدخل سياسي وعسكري ضد اليمن، مؤكدة على وقوف الولايات المتحدة مباشرة وراء ذلك ".
و من جانبه، قال النائب في البرلمان التركي عبد الله اوزر في تصريح مماثل لهذه القناة " على الحكومة التركية ان توظف علاقاتها المتميزة مع السعودية لاجبارها على وقف تدخلها العسكري في اليمن، معربا عن اسفه من وقوف تركيا كمتفرج حتى الآن ".
و بدوره، قال النائب في البرلمان التركي الجان حاجان اوغلو في تصريح للعالم " ان الاطار العام يشير الى ارتكاب السعودية جرائم ضد الانسانية لاستخدامها القنابل الفوسفورية ضد المدنيين في غاراتها على شمال اليمن ".
و طالب حاجان اوغلو الحكومة التركية بالقيام بواجبها لمواجهة التدخل السعودي في اليمن.


الاثنين، ديسمبر 07، 2009

سؤال لسماحة الشيخ ياسر الحبيب دام عزه : ما هو ردكم على نظرية (داروين) في التطور؟




السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين و اللعنة الدائمة الوبيلة على أعدائهم و ظالميهم أجمعين
أنا شاب  جامعي أدرس علوم الحياة وجسم الانسان و جامعتي تعتمد المنهج الاجنبي الذي يتابع كل جديد في
العالم من الناحية العلمية.أن مسألة كيف أن الله خلق الأرض و الكائنات الحية هي مسألة واضحة في القرآن الكريم بالرغم من وجود بعض التعقيدات.المشكلة هي أن أستاذي الذي يشرف على تدريسي المواد المهمة هو نصراني ،علماني،مثقف و ذكي جداً، ولكن دائماً نواجه مشكلة أنه يؤمن بنظرية ( نظرية دارون )أن الانسان كان حيواناً ،والذي زاده ثقة اليوم بحث نشر يقول أن الخريطة الجينية لحيوان الشمبانزي هي مناسبة بنسبة 96% للأنسان،و بصراحة أنا و أصدقائي لا نجد البراهين الدينية المناسبة لاقناعه،و طبعاً نكون مسؤولين عن أفكاره في الامتحان.ما تعليقكم على الموضوع،و كيف يمكن أن تساعدوني لتحصيل الثقافة اللازمة لمجابهته،و ما هي الكتب التي يمكن أن تفيدني

===========================


 الجواب :
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بغض النظر عن البراهين الدينية فإن البراهين العقلية والعلمية أيضا تسقط نظرية داروين في التطور، ولو كان أستاذك أكثر اطلاعا لتخلى عن اعتقاده هذا، فيوما بعد يوم بدأ يتلاشى إيمان علماء الطبيعة بهذه النظرية مع ظهور الحقائق الجديدة، ويكفيك أن تعلم أنها إلى اليوم تسمى في قاموسهم "نظرية" وهو ما يعني أنها مخدوشة علميا وليست ثابتة حتى الآن، إذ لو كانت ثابتة لأسموها "حقيقة علمية".
إن داروين إنما قدّم افتراضا ليس إلا، ثم جاء من هم بعده مستميتين لإثبات ذلك الافتراض، فقاموا بجولات كشفية في أنحاء العالم للحصول على أحافير أو متحجرات تثبت التطور وارتقاء الأجناس من نوع لآخر، وعندما عثروا على بعض أحافير القردة التي اعتبروا أنها تشبه الإنسان صاحوا بكل بهجة: "ها هو الإثبات! الإنسان قد تطوّر من القرد"!
وفلسفوا ادعاءهم هذا بأن القرود قبل حوالي ثمانية ملايين سنة قد طوّرت نفسها جينيا للتكيف مع متغيرات الطبيعة، فبدأت تمشي على قدمين بدلا من أربع قبل نحو أربعة ملايين سنة، وهكذا انفصلت عن القرود وكوّنت جنسا جديدا مع مرور الزمن فأصبح هذا الجنس هو الإنسان!
وعندما يُسأل هؤلاء عن دليلهم العلمي على ما يزعمون؛ يجيبون بالقول أنه التشابه الجيني بين فصيلة الإنسان وفصيلة القردة، والأحافير أو المتحجرات التي تثبت حدوث هذا التطور لوجود فصيلة يظهر منها أنها متداخلة وتحل محلا وسطيا بين الإنسان والقرد.
فدليلهم هو "التشابه" فقط! وهو دليل مضحك حقا ويبعث على السخرية، فهل لأن هناك تشابها بين هذه الفصيلة وتلك بنسبة معينة يعني بأن هذه الفصيلة قد اشتقت من تلك! وهل لأننا نجد أن هناك تشابها بين النمور وبين القطط يعني بأن النمور مثلا تطورت من القطط!
ليكن التشابه بين الإنسان وبين الشامبانزي 99 بالمئة لا 96 فقط، بل ليكن أكثر من ذلك، إلا أننا لا يمكننا أن نجزم بأنهما كانا بالأصل من فصيلة واحدة ما دام هناك فارق بينهما ولو كان ضئيلا، فما دام هناك فارق فإنه لا دليل علميا على أنهما كانا من أصل واحد، ويبقى زعم هؤلاء مجرد تخمين لوجود التشابه، فنحن نرى في الواقع الملموس أن هناك شخصا يولد لأبوين في روسيا مثلا وآخر يولد لأبوين آخرين في المكسيك، وليس بينهما أية قرابة، ولا يشتركان في النسب إطلاقا فكل منهما من عرق مختلف، ومع ذلك يتفق كونهما متشابهين إلى حد التطابق بسبب تشابه الصفات الجينية، فإذا شوهدا قيل أنهما توأمان، والحال أنهما ليسا كذلك إطلاقا.
فهذا أولا؛ وهو أن التشابه بحد ذاته ليس دليلا علميا كافيا لإثبات ما زعمه أنصار نظرية التطور الدارويني. وأما ثانيا؛ أي ما يتعلق بالنقوضات على النظرية فهي كثيرة ومتنوعة غير أننا نقتصر منها على التالي:
إذا كان أصل الإنسان من القرد من باب التطور، فمن أين جاء القرد نفسه؟ يقول أنصار نظرية داروين أنه أيضا تطور من جنس آخر، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تُكتشف أية أحافير تثبت مثلا تطور القرد من الثعلب أو الذئب أو حتى التمساح؟! لماذا لم يجد علماء التنقيب والاستكشاف أحافير لتطور الزواحف من الأسماك مثلا؟! أو لتطور الطيور من الحشرات؟! إذ النظرية تقول أن كل شيء إنما تطور من شيء آخر بفعل الطبيعة والتكيف معها، ومع هذا لم يجد هؤلاء شيئا يثبت ذلك باستثناء زعمهم أن الإنسان متطور من القرد، وزعمهم هذا مبني كما قلنا على ملاحظتهم التشابه الجيني فقط، وهو ليس إلا سنة الله تعالى في خلقه.
لاحظ مثلا أن أحافير الديناصورات أقدم بكثير وبملايين السنين من الأحافير التي وُجدت للقردة، والأصل أن هناك تطورا، فلماذا لم تُكتشف أحافير لديناصور مثلا بدأ بالتطور إلى فيل أو زرافة؟! إن كونهم قد وجدوا أحافير لقردة يشابهون في هياكلهم الإنسان لا يعني أن التطور ثابت، وإلا لكان من الضرورة وجود أحافير لتطور الديناصورات إلى فيلة، أو تطور الكائنات الحية الأخرى من جنس إلى جنس آخر، وذلك مفقود البتة.
على فرض ثبوت فرضية التطور؛ فلماذا لا نشاهدها الآن ولو من قبيل المقدّمات؟ إن داروين وأصحابه يقولون أن فئة من القرود بدأت بالتطور من خلال تكيفها مع متغيرات الطبيعة، فتمرّسوا على المشي على قدمين بدلا من أربع، وقوّموا بذلك اعوجاجات عظامهم، وأثّر ذلك في نسلهم فأصبح ما يتناسل منهم يمشي أيضا على اثنين بالتوارث. والسؤال هو لماذا لا نشاهد مثال ذلك اليوم؟ فإن هناك كثيرا من القردة المدرّبة التي تستطيع المشي على اثنين أكثر من المعدّل الطبيعي لسائر القرود الأخرى التي لا تستطيع ذلك لأكثر من بضع خطوات محدودة، فلماذا نجد أن هذه القرود المدرّبة عندما تتناسل لا تؤثّر في طبيعة مشي نسلها حتى مع التعاقب والمخالطة بل تبقى تمشي على أربع وتحتاج لتدريب جديد حتى تمشي على اثنين؟!
لماذا لا نجد مثلا أن الإنسان الذي درّب نفسه بحيث يتمكن من أن يأكل فتات الأحجار دون أن يؤثر ذلك على معدته لا نجد أبناءه ولا أحفاده ولا أحفاد أحفاده يحملون هذه الصفة أيضا بالتوارث؟!
لماذا نجد أن الذي يولد وله ستة أصابع في اليد الواحدة فيكون ذلك تغيرا جينيا فيه، لماذا نجد أنه عندما يتزوج وينجب فإن ابنه يكون ذا خمسة أصابع ولا يتوارث صفة أبيه ويتطوّر بتطوّره؟! إن ذلك لأن التأثيرات الخارجية على الجينات لا ينتج عنها أي تطور.
بالعودة إلى أصل نشوء الكون، يقول أنصار نظرية داروين أنه جاء بمحض الصدفة وأن التطور والارتقاء هو الذي كوّن هذه الكائنات الحية بأجناسها وأنواعها، فإذا سئلوا عن المادة الطبيعية الأولى التي سبّبت هذا النشوء والتطور قالوا إنها نبضة الطاقة، فمن أين جاءت هذه النبضة؟ يعترفون بأنهم لا يعرفون الجواب. وعلى تقدير ذلك فإن هؤلاء الماديين يعترفون بأن هناك مؤثّرا في نشوء الكون وهو نبضة الطاقة، بينما نحن الإلهيون نقول أن هذا المؤثر هو الله تبارك وتعالى، فأي القوليْن أقرب إلى العقل؟ أن تقوم نبضة بكماء صماء لا تعقل ولا تعلم ولا تشعر بإنشاء كل هذا الكون الرحب الدقيق العظيم أم أن تقوم ذات مدركة عالمة شاعرة بذلك؟!
إن مثل القول الأول كمثل من يقول بأن هناك انفجارا حصل في مطبعة، وبمحض الصدفة وقعت الحروف المطبعية على أوراق واتفق أن شوهدت بعد ذلك وقد انتظمت في مقطوعة نثرية أو شعرية رفيعة الأدب عميقة البيان! فهل هذا معقول؟!
يقولون هو ليس معقولا بلحاظ سرعة التغير إذ لا يمكن حصول ذلك بهذه السرعة أما مع مرور ملايين السنين فإن ذلك ممكن، وردّنا هو أنه كلما تقادم الزمن كلما كان احتمال وقوع الخطأ أكثر، إذ المفروض أن يأتي الحرف الكذائي بعد الحرف الكذائي في الموقع المناسب ليكوّن كلمة صحيحة ثم عبارة صحيحة ثم مقطوعة صحيحة، ونسبة وقوع الخطأ تتعاظم كلما قلّت الاحتمالات بمرور الزمن، فإذا لم يكن تكوّن القصيدة الشعرية ممكنا في بداية الانفجار فلا شك أنه يستحيل بعد ذلك لتضاؤل فرص الصحة في تكوينها.
مع كل التطور العلمي الذي وصل إليه البشر حتى استطاعوا غزو القمر والكواكب بتكوين الأجهزة والمعدات الدقيقة، فإنهم لم يستطيعوا حتى الآن تكوين خلية حية واحدة من مواد كيمياوية كما طرحته نظرية داروين واعتبرته أمرا بسيطا، وقد اعترف العلماء بأن تكوين خلية حية أمر مستحيل لأن الخلية معقدة التركيب إلى حد معجز للبشر. وهذا يبطل نظرية داروين في أن أصل الخلية الحية تكوّن من المواد الأولية الكيمياوية الطبيعية، إذ إن ما افترضوه هو أن الطبيعة هي التي كوّنت الخلية الحية، ومع ملاحظة أن الطبيعة غير عاقلة فكيف يمكن القبول بأن الإنسان العاقل – وهو ابن الطبيعة نفسها على قولهم – لا يستطيع أن يكوّن الخلية مع أنه يمتلك الرشد الذهني الذي لا تمتلكه الطبيعة الجامدة؟!
هذه ليست سوى ردود سريعة على النظرية الباطلة السخيفة، والتفصيل نتركه إلى مقام آخر، وعلى أية حال فإننا لسنا بخاسرين شيئا بعد انتقالنا إلى القبر إذا لم نؤمن بنظرية داروين وتبيّن أنها صحيحة – من باب فرض المحال – أما هم فسيخرون كثيرا عندما ينتقلون إلى القبر ويتبيّن لهم صحة ما نقول من وجود إله خالق تبارك وتعالى! فأي الخياريْن يأخذ به العاقل؟!
أما عن نصيحتنا لك لتحصيل الثقافة اللازمة، فراجع روايات وبيانات أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) في التوحيد، وتجدها مثلا في بحار الأنوار كثيرا تحت هذا الباب. وارجع كذلك إلى دروسنا الحوزوية في علم الكلام وخاصة مبحث إثبات الصانع فلعلّها تفيدك إن شاء الله تعالى، ولا بأس بأن تطلع على كتاب لأحد علماء علم الأحياء وهو الاسترالي ميشيل دانتون بعنوان "نظرية في أزمة" وفيه ينقض نظرية داروين بالبراهين والأدلة.