الاثنين، نوفمبر 10، 2008

كيف نتعامل مع المخالفين ؟


لأنّ الأخلاق الحسنة تشكّل عمق الدين، والتعاليم الإسلامية تحث المسلم نحو حسن الخلق ليس مع إخوانه المسلمين فحسب ؛ بل حتّى مع المخالفين له في المنهج والاعتقاد، يقول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة:(8).

ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ألا ومن ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً على غير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة).

وجاء في عهد الإمام علي (عليه السلام): (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبّة لهم، واللطف عليهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق).

ويقول (عليه السلام): (يا مالك، الناس ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأوّل: وهم الذين يتّفقون معك في الفكر والعقيدة، وعليك أن تحترمهم وتقدرّهم لوحدة الفكر والهدف. القسم الثاني: وهم الذين يختلفون معك في العقيدة، وعليك أن تحترمهم وأن لا تعتدي عليهم، لأنّهم بشر يملكون مشاعر وأحاسيس، فهم وإن اختلفوا معك في الاعتقاد إلاّ أنّ هذا الاختلاف يجب أن لا يكون مسوقاً لسوء الخلق).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لشيعته: (ردّوا الأمانة إلى أهلها وإن كانوا مجوساً).

وقال له أحد أصحابه وأتباعه: وقع لي مال عند يهودي فكابرني عليه وحلف، ثمّ وقع له عندي مال فهل آخذه عوضاً وأجحده وأحلف عليه كما صنع ؟ فقال الإمام (عليه السلام): (إذا خانك فلا تخنه، ولا تدخل فيما عبته عليه).

وقد سجّل لنا التاريخ وقائع كثيرة تتجلّى لنا من خلالها رحابة الإسلام في تعاليمه الخلقية، فهذه أخلاق أهل البيت (عليهم السلام) شاهدةً بعد أن جسّدت لنا معنى أن يحافظ الإنسان على قيمه وأخلاقه حتّى مع المخالف في المذهب والدين.

فقد شكا يهودي علي بن أبي طالب (عليه السلام) للخليفة عمر، فقال عمر لعلي (عليه السلام): قم يا أبا الحسن واجلس بجنب خصمك اليهودي، ففعل الإمام علي (عليه السلام) وعلى وجهه علامة التأثّر، فلمّا فصل عمر قال للإمام علي (عليه السلام): أكرهت أن تساوي خصمك ؟

قال: (لا، ولكن تألّمت لأنّك ناديتني بالكنية، فلم تساوي بيننا، فخشيت أن يظنّ اليهودي أنّ العدل ضاع بين المسلمين).

وعن الإمام الباقر عن أبيه (عليهما السلام): (إنّ علياً (عليه السلام) صاحب ذمّياً، فقال الذمّي أين تريد يا عبد الله ؟ قال: أريد الكوفة، فلمّا عدل الطريق بالذمّي عدل معه علي (عليه السلام)، فقال له الذمّي: أليس زعمت تريد الكوفة ؟ قال (عليه السلام): بلى،فقال الذمّي: فقد تركت الطريق، فقال (عليه السلام): علمت. فقال له: فلم عدلت معي وقد علمت ذلك ؟ فقال (عليه السلام): هذا من تمام حسن الصحبة، أن يشيع الرجل صاحبه هنيهة إذا فارقه، بكذا أمرنا نبينا (صلى الله عليه وآله)، فقال له: بهذا ؟ فقال: نعم. فقال الذمّي: لا جرم إنّما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة، وأنا أشهد أنّي على دينك، فرجع الذمّي مع علي (عليه السلام) وأسلم).

ليست هناك تعليقات: