الخميس، أكتوبر 30، 2008

العقد المبارك

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

لطالما استوقفتني هذه القصة الرائعة عن ذلك العقد المبارك للسيدة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها فآثرت أن تكون هذه القصة أول موضوع أكتبه في هذه المدونة طلبا للبركة والتوفيق من الله عز وجل

بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام ,عن جابر بن عبد الله الأنصاري , قال : صلى بنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله )صلاة العصر, فلما انفتل جلس في قبلته والناس حوله, فبينما هم كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب, عليه ثياب بالية , قد تهلل وأخلق, وهو لا يكاد يتمالك كبرا وضعفا , فأقبل عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله) يستحثه الخير, فقال الشيخ : يا نبي الله أنا جائع الكبد فأطعمني, وعاري الجسد فاكسني, وفقير فأرشني.
فقال ( صلى الله عليه وآله) : لن أجد لك شيئا, ولكن الدال على الخير كفاعله, انطلِق إلى منزل من يحب الله ورسوله, ويحبه الله ورسوله, يؤثر الله على نفسه .
انطلق إلى حجرة فاطمة, وكان بيتها ملاصق بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي يتفرد به لنفسه من أزواجه .
وقال : يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة , فانطلق الأعرابي مع بلال , فلما وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته : السلام عليكم يا أهل بيت النبوة , ومختلف الملائكة., ومهبط جبرائيل الروح الأمين بالتنزيل من عند رب العالمين, فقالت فاطمة (عليها السلام ) : وعليك السلام فمن أنت يا هذا؟
قال: شيخ من العرب , أقبلت على أبيكِ سيد البشر مهاجرا من شقه, وأنا يا بنت محمد عاري الجسد, جائع الكبد, فواسيني يرحمك الله, وكان لفاطمة وعلي في تلك الحال ورسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاث ليال ما طعموا فيها طعاما, وقد علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك من شأنهما, فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ , كان ينام عليه الحسن والحسين, فقالت خذ هذا أيها الطارق, فعسى الله أن يختار لك ما هو خير منه , فقال الأعرابي : يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فناولتني جلد كبش؟ ما أنا صانع به مع ما أجد من السغب ؟
قال : فعمدت لما سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها , أهدته لها فاطمة بنت عمها الحمزة بن عبد المطلب, فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي , فقالت: خذه وبعه فعسى الله أن يعوضك به ما هو خير منه.
فأخذ الأعرابي العقد , وانطلق إلى مسجد رسول الله, والنبي جالس في أصحابه, فقال يا رسول الله أعطتني فاطمة بنت محمد هذا العقد, فقالت: فبعه فعسى الله يصنع لك, فبكى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال : وكيف لا يصنع الله لك , وقد أعطتك إياه فاطمة بنت محمد سيدة نساء بنات آدم؟ فقام عمار بن ياسر (رحمه الله) , فقال: يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا العقد؟ قال: اشتره يا عمار, فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله في النار!
فقال عمار : بكم العقد يا أعرابي؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم, وبردة يمانية أستر بها عورتي وأصلي فيها لربي, ودينار يبلغني إلى أهلي وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خيبر ولم يبق منه شيئا, فقال : لك عشرون دينارا ومائتا درهم هجرية, وبردة يمانية, وراحلتي تبلغك أهلك, وشبعك من خبز البر واللحم. فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال أيها الرجل! وانطلق به عمار فوفاه ما ضمن له . ثم عمد عمار إلى العقد فطيبه بالمسك, ولفه في بردة يمانية, وكان له عبد اسمه سهم, ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه في خيبر, فدفع العقد إلى المملوك وقال له: خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت له, فأخذ المملوك العقد فأتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره
يقول عمار , فقال النبي : انطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد, وأنت لها.
فأخذت فاطمة (عليها السلام) العقد وأعتقت المملوك, فضحك الغلام, فقالت: ما يضحكك يا غلام؟
فقال : أضحكني عظم بركة هذا العقد : أشبع جائعا , وكسى عريانا, وأغنى فقيرا, وأعتق عبدا, ثم رجع إلى ربه .

ليست هناك تعليقات: